النونُ الثقيلةُ ولا الخفيفة* قال أبو على* اعلم أن في هَلُمَّ لغتين احداهُما وهو قولُ أهلِ الحجاز ولغةُ التنزيل أن تكون فَى جميع الاحوال الذكرِ والمؤنَّثِ والواحدِ والاثنينِ والجماعةِ من الرجالِ والنساءِ على لفظٍ واحدٍ لا تظهَر فيه علامةٌ لتثنيةٍ ولا جمعٍ كقوله تعالى (هَلُمَّ إِلَيْنا) فيكون بمنزلة رُوَيْدَ وصَهْ ومَهْ ونحوِ ذلك من الاسماء التى سُمِّيتْ بها الأفعالُ وتستعمل للواحد والجميع والتأنيث والتذكير على صورةٍ واحدةٍ والأخرَى أن تكون بمنزلة رُدَّ في ظهور علامات الفاعلينَ على حسَب ما يظهَر في رُدّ وسائِر ما أشبهها من الأفعال وهى في اللُّغةِ الأُولى وفي اللُّغةِ الثانية اذا كانت للمخاطَب مبنِيَّةٌ مع الحرف الذى بعدها على الفتح كما أنّ هل تفعَلَنّ مبنىٌّ مع الحرف على الفتح وان اختلف موقِعُ الحرفين في الكلمتَيْنِ فكان الحرف في احداهما مقدَّما وفي الأُخْرى مؤخَّرا ولم يمنعهما من الاجتماع فيما اجتمعا له من كونهما مع الحرفين مبنِيَّن على الفتح فامّا الهاء اللاحِقُ لها أوّلا فهى من ها التى للتنبِيه لَحِقت أوّلا لأنَّ لفَظْ الأمْر قد يحتاج الى أمْر المأمورِ واستدعائِه لِاقْباله على الأمْرِ فهو لذلك مثل المنادَى ومن ثَمَّ دخل حرفُ التنبيه في قوله تعالى (أَلَّا يَسْجُدُوا) ألا تَرى أنه أمْر كما ان هذا أمْر وقد دخَل هذا الحرفُ في جُمل أُخَرَ نَحو (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ) فكما دخلَ في هذه المواضِع كذلك لحِقَ لُمَّ إلا أنه كَثُر الاستعمالُ معَها فغُيِّر بالحذفِ لكثرة الاستعمالِ كاشياءَ تُغَيَّر لذلك بالحذف نحو لم أُبَلْ ولا أَدْرِ ولم يَكُ ومَا أشبه ذلك مما يُغَيَّر للكثرةِ وقد قرأ بعض القراء هَأَنْتم هؤُلاء فحذف هذه الألفَ فاذا حذفَها في هذا الموضِع مع أنه لم يكثُرْ كثرةَ ما علمتك كان حذفُه هُناك أجدَرَ ولا يستقِيمُ لمن ضَعُف نظرُه ان يستدلَّ بحذف هذه الألف على أنها في الحُرُوف زائدةٌ ألا تَرَى أن الحذْف قد لَحِقَ ما أعلمتك من الأُصُول لكثرةِ الاستعمالِ وما مُحَال أن يكونَ زائدا فكذلك الألفُ هنا ومما حَسَّن حذفَ الألفِ من ها فى هَلُمَّ أنها في موضِعٍ كان يجب أن تسقُطَ في لأصل لالتقاءِ الساكنَينِ ألَا تَرى أن فاءَ افْقُلْ كانت في موضِعٍ سكونٍ قبل الادْغامِ وقد نَجِد الحركة التى تُلْقَى عن الحرف لحَرف غيرهِ لا يخرجُ الحرف بها عن أن يكونَ في نِيَّة سكونٍ يُدلُّك على ذلك تركُهم قلبَ الواو في مَوَلةٍ فحسُن الحذفُ لسُكون الألفِ ولأن الفاء كأنَّها ساكِنةٌ