كما كانت الواوُ في مَوَلَةٍ كأنها ساكِنةٌ ولو لا ذلك لوجَبَ الاعْلال والقلبُ فمن حيْثُ لم يجبِ القلبُ حسُن الحذفُ في الالف من هَلُمَّ وحسُن الحذفُ فيها أيضا لكونهما كالكلمة الواحدةِ كأنهما لما بُنِيَا على الفتْح صارا من الأسماء كخمسةَ عشرَ ومما يدل على أنهما كالكلمة الواحدة أنهم اشْتَقُّوا منهما جميعا فِعْلا كما يُشْتَقُّ من الحرف المفْرَد* قال الاصمعى* اذا قال لكَ هَلُمَّ فقلْ لا أُهَلُمُّ ألا تَرَى أنهم قد أجْرَوْهما مُجْرَى ما هو شئٌ واحد حيث اشتَقُّوا منهما فان قلت وكيفَ يكونُ أُهَلِمُّ هذا الذى حكاه الأصمعىُّ فِعْلا وهل جاء مثال من كلامهم يُؤْنَسُ به فقد قالوا أنَا أُهَرِيقُ وهو مضارعُ هَرَقْت وليس بمضارعِ أرَقْت ألا تَرَى أن الوزنين واحدٌ وهذا الذى حكاه الاصمعى غيرُ خارجٍ مما هو في كلامهم سائغٌ* قال* ان شئت جعلت أُهَلِمُّ من باب هَلَّل ولَبَّى فيكون انتظامُك في اشتِقاقٍ منه من الحرفين كهذا الضَّرْب ويدُلُّك على حُسْن هذا الوجه واستقامتِه أنهم قد أجْرَوْا هَلُمَّ مُجْرَى الأصوات بدِلالة تركِهم لها على صورةٍ واحدةٍ في الاحوال كلها وهذه الأصوات يشتَقُّون منها كما يشتَقُّون من الكلمتين وما جرى مَجْراهما* قال* وحُكِى عن الفراء أنه قال في هَلُمَّ إن أصله هَلْ أُمَّ وأُمَّ من قَصْدت والدليل على فَسادِ هذا القولِ وفَسَالتِه أنه لا يخلُو من أحد أمريْنِ إما أن تكون هل بمعنى قَدْ وهذا يدخُل في الخبَر وإما أن تكونَ بمعنى الاستفهام وليس لواحد من الحرفين متعَلَّق بهَلُمَّ ولا مدخَلٌ ألا ترى أنها يرادُ بها الأمرُ دُونَ غيره والدليل على ذلك تثنيةُ مَن ثنَّاها وجمعُ من جَمَعها ولا وجْهَ لهَلْ ههنا ألا ترى أنه لا يكونُ هلِ اضْرِبْ وأنت تأمرُ كما لا تقول قد اضْرِبْ وأيضا فان أُمَّ بعدها لا تخلو من أن تكونَ مثل رُدَّ ومُدَّ وأُنّ أو تكون مثَل فُعِلَ اذا أَخْبرت فلا يجوز على قوله أن تكونَ التى للأمْر من حيثُ لا تقولُ هل اضْرِبْ ولا هل اقْتُلْ ونحوه ولا يجوز أن تكون بمعنى فُعِل لأن ذلك للخبر والخبَر لا وجْهَ له هنا لأن المراد الأمرُ فان قال قائل ما تُنْكِر أن يكونَ اللفظُ لفظَ الخبَر والمعنى معنَى الأمر مثلُ رحِم اللهُ زيدا ونحوِه فانَّ كوْنَ الكلمةِ واستعمالَهم إيَّاها في الأمر يمنَع ذلك ألا تَرى أن من قال رحِمَ اللهُ زيدا فأراد به الدُّعاءَ لم يُدْخِل هلْ عليه فلم يقلْ هَلْ رحِمَ اللهُ ولا هل لَقِيتَ خيرا وهو يُرِيد الدعاءَ وهذا قولٌ فاسدٌ جِدًّا لا يجب