وفقهاؤهم لا يجرونهم مجرى واحد من أولئك.
ومن طرائف ذلك أنهم يقولون كل مجتهد مصيب ، بل زادوا على ذلك فذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الثالث من مسند عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله " ص " يقول : إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم واجتهد فأخطأ فله أجر (١).
ففتحوا باب إباحة الخطأ والتطرق إلى نقض الشريعة ، ومع ذلك إذا وجدوا لبعض علماء العترة وفقهائها وفقهاء شيعتهم قولا في مسألة لا يجرونه مجرى أحد من أهل الاجتهاد ، ولا يثبت من الاعتذار ما يثبت ما ادعوه لعلمائهم وفقهائهم ، وهذا يدل على اختلاف عظيم ومناقضة قبيحة وسوء توفيق وعدم تحقيق.
ومن طرائف مناقضاتهم أنهم يروون وجوب العمل في الشريعة بأخبار الآحاد ، فإذا سمعوا الأخبار التي يأتي من جهة عترة نبيهم سواء كانت آحادا أو متواترة أعرضوا عنها ونفروا منها مع ما تقدم من شهادة نبيهم أن عترته لا يفارقون كتاب الله وأن المتمسك بهما لا يضل أبدا.
ومن طرائف ذلك أنهم لا يجرون أخبار علماء العترة مجرى أخبار جماعة من الصحابة والرواة الذين كفر بعضهم بعضا وسفك بعضهم دم بعض واستباحوا فيما بينهم المحارم وارتكبوا العظائم كما قدمناه ، فإن كان ذلك الاختلاف لا يضر فهلا كان لعلماء العترة وعلماء شيعتهم أسوة في ذلك ، وإن كان يضر ويكون فيهم مبطل ومحق فكيف قبلوا أخبار الجميع ورووها في جملة صحاحهم وحللوا بها وحرموا ، إن هذا تظاهر عظيم بعداوة أهل بيت نبيهم ومعاندة هائلة لنبيهم فيما أوصى فيه بأهل بيته وتكذيب لأنفسهم فيما رووه في صحاحهم وعن
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ٣ / ١٣٤٢.