ثم أصبحتم بين قبيلتين قتيل بصفين يبكون له وقتيل بالنهروان يطلبون بثاره ، وأما الباكي فخاذل وأما الثائر فباغ وأن معاوية قد دعى إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة فإذا أردتم الموت رددناه وحكمنا إلى الله تعالى ، وإن أردتم الحياة قبلنا وأخذنا لكم الرضا ، فناداه القوم التقية التقية.
ومن الجواب أنهم أجمعوا أيضا أن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم صالح سهل بن عمر وكفار قريش ، ولما كتب الصلح يوافقوا حتى محي اسمه من ذكر الرسالة ، وهذا أبلغ من صلح الحسن عليه السلام لمعاوية ، وقد تقدم هذا في الحديث المروي عنه.
ومن الجواب أنهم رووا في كتبهم الصحاح عندهم ، ورواه الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في مسند أبي بكرة بقيع بن الحرث قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر والحسن بن علي عليهما السلام إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة أخرى ويقول : إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. هذا لفظ الحديث المذكور (١).
وقد تضمن أن نبيهم محمدا " ص " قال ما يدل على أنه أسند صلح الحسن إلى الله تعالى ، فإذا كان الله تعالى سبحانه هو الذي أصلح بين هاتين الفئتين على يد الحسن ، فكل من أعاب الحسن فإنما يعيب على الله تعالى.
ثم إن الحديث قد ورد مورد المدح للحسن عليه السلام على ذلك ، ولهذا ابتداه نبيهم بقوله " ابني " وقوله " إنه سيد " وغير ذلك مما يقتضيه معنى الحديث
__________________
(١) رواه البخاري في صحيحه في كتاب الصلح بعينه ٣ / ١٧٠ ، والنسائي في صحيحه ١ / ٢٠٨ ، وأبو داود السجستاني في صحيحه : ٢٩ / ١٧٣ ، والترمذي في صحيحه : ٢ / ٣٠٦ وأحمد في مسنده : ٥ / ٤٤ ، وذخائر العقبى : ١٢٥ ، والمغازلي في المناقب : ٣٧٢ ، وأحمد في كتاب الفضائل في ترجمة الحسين : ١١ ط إيران.