في المسجد ينتظرون رسول الله لصلاة العشاء الآخرة. قالت : فأرسل رسول الله " ص " إلى أبي بكر أن يصلي بالناس ، فأتاه الرسول فقال : إن رسول الله يأمرك أن تصلي بالناس ، فقال أبو بكر وكان رجلا : رقيقا : يا عمر صل بالناس قال. فقال عمر : أنت أحق بذلك. قالت : فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام.
ثم إن رسول الله " ص " وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين ، أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس ، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر وقال لهما : أجلساني إلى جنبه ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر ، وكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي والناس يصلون بصلاة أبي والنبي قاعد. هذا لفظ حديثيهما في صحيحيهما على ما ذكره الحميدي (١).
(قال عبد المحمود) : في هذا الحديث عدة طرائف ، فمن طرائف هذا الحديث أنه يدل على أن نبيهم محمدا صلى الله عليه وآله كان يكره أن يصلي بالناس غيره لما تضمنه من معالجته لمرضه ثلاث مرات ليخرج إليهم.
ومن طرائف هذا الحديث المذكور أن نبيهم محمدا صلى الله عليه وآله كان يسئ الظن بأصحابه ومعتقدا لإقدامهم على ترك مراقبته ، لأنه في كل مرة في معالجته يقول : أصلى الناس؟ فلو كان حسن ظنه بهم وأنهم ما يصلون إلا بإذنه ولا يقدمون إماما إلا برأيه ، ما قال كل مرة أصلى الناس؟ فيقال : لا.
ومن طرائف الحديث المذكور أن الحميدي ذكر في الحديث الثاني والسبعين المقدم ذكره من طريق آخر غير ما قدمناه ، وهي أن البخاري ومسلما أخرجا حديث الصلاة من حديث الأسود بن يزيد بن قيس النخعي عن عائشة : فذكرت أن نبيهم محمدا " ص " لما أذن بالصلاة قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فخرج أبو بكر يصلي فوجد النبي من نفسه خفة فخرج يتهادى بين رجلين
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ١ / ٣١١ ـ ٣١٢.