ومن طريف ذلك أن يكون بنو هاشم وأزواجه وابنته مشاركين لمحمد " ص " نبيهم في سره وجهره ومطلعين على أحواله ، ويستر عنهم أنهم لا يستحقون ميراثه ويعلم ذلك أبو بكر ومن وافقه من الأباعد ، وليس لهم ما لبني هاشم من الاختصاص به والمخالطة له ليلا ونهارا وسرا وجهرا ، إن ذلك من طرائف ما يقال عن هؤلاء القوم من ارتكاب المحال.
ومن طريف ذلك أن محمدا " ص " نبيهم يبلغ الغايات من الشفقة على الأباعد وقد تضمن كتابهم " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " (١) فيصفه الله بهذه الرأفة والرحمة ويشهدون بتصديق ذلك ، فكيف يقال عن هذا الشفيق الرؤف الرحيم أنه ترك الشفقة على مثل ابنته وعمه وأزواجه وبني هاشم ولم يعرفهم أنهم لا يستحقون ميراثه ويعرف بذلك الأباعد حتى يجري ما جرى ، إن ذلك من عجيب المناقضات وطريف المقالات.
ومن طريف ذلك أن أبا بكر قد أقسم في الحديثين المذكورين أنه لا يغير ما كان من ذلك على عهد رسول الله " ص ".
٣٦٠ ـ وقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين من مسند جبير بن مطعم في الحديث الثالث من أفراد البخاري قال : جاء جبير بن مطعم وعثمان ابن عفان إلى النبي " ص " يكلمانه فيما فيه من خمس خيبر من بني هاشم وبني عبد المطلب ، فقالا : يا رسول الله قسمت لإخواننا بني عبد المطلب ولم تعطنا شيئا ، وقرابتنا مثل قرابتهم بهما ، فقال رسول الله : إنما أرى هاشما وعبد المطلب شيئا واحدا؟ قال جبير : ولم يقسم رسول الله لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا (٢).
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) البخاري بهذا المضمون في صحيحه : ٤ / ١٥٥.