قدر أصحابه على دفعه عنه كما دفع العباس رضوان الله عليه ووجدوا إلى ذلك سبيلا لدفعوه.
فأما تقديمكم العباس عليه فإن الله تعالى يقول : " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله " (١) والله لو كان ما في أمير المؤمنين من المناقب والفضائل والآي المفسرة في القرآن خلة واحدة في رجل واحد من رجالهم أو غيره ، لكان مستأهلا متأهلا للخلافة ، مقدما على أصحاب رسول الله " ص " بتلك الخلة ، ثم لم يزل الأمور تتراقى به إلى أن ولي أمور المسلمين ، فلم يعن بأحد من بني هاشم إلا بعبد الله بن عباس تعظيما لحقه ، وصلة لرحمه وثقة به ، فكان من أمره الذي يغفر الله له ، ثم نحن وهم يد واحدة كما زعمتم حتى قضى الله تعالى بالأمر إلينا فأخفيناهم وضيقنا عليهم وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم ، ويحكم أن بني أمية إنما قتلوا منهم من سل سيفا وإنا معشر بني العباس قتلناهم جملا فلتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت ، ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات ونفوس دفنت ببغداد والكوفة إحياء ، هيهات إنه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
وأما ما وصفتم في أمر المخلوع : وما كان فيه من لبس فلعمري ما لبس عليه أحد غيركم إذ هويتم عليه النكث ، وزينتم له الغدر ، وقلتم له ما عسى أن يكون من أمر أخيك ، وهو رجل مغرب ، ومعك الأموال والرجال تبعث إليه فيؤتى فكذبتم ونسيتم قول الله تعالى " ثم بغى عليه لينصرنه الله " (٢).
وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا عليه
__________________
(١) التوبة : ١٩.
(٢) الحج : ٦٠.