رسول الله " ص " قال : التقى آدم وموسى فقال موسى : أنت يا آدم الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه وأنزل عليك التوراة. قال : نعم. فقال : فوجدت قدره علي قبل أن يخلقني فحج آدم موسى.
ورواه الحميدي من عدة طرق لهذا الحديث من مسند أبي هريرة في الحديث الخامس والتسعين (١).
(قال عبد المحمود) : قد استطرفت رواية عمر لهذا الحديث عن نبيهم ، لأنه ينقض بعضه بعضا ، ويشهد حال نبيهم أنه ما قال ذلك ، وأهل بيت نبيهم الذين أمر بالتمسك بهم ينكرون تصديق هذا الحديث لأنه إذا كانت الأفعال والأقوال عند آدم وموسى كما يقوله المجبرة من الله وحده وليس لأحد من عباده فيها شئ ، وأن آدم وموسى ما فعلا شيئا ، فكيف أنكر موسى على آدم؟ وكيف تكلف آدم جواب موسى؟ وكيف يقول محمد " ص " نبيهم فحج آدم وموسى ويستحسن محمد " ص " ذلك.
هذا لا يصدقه عارف بمحمد " ص " أنه قاله أو تحدث به ، لأنه إذا كان لا فاعل سوى الله فكلام آدم وفعله من الله وكلام موسى وفعله من الله تعالى ، فأي معنى لقولهم من نبيهم فحج آدم موسى.
وإنما يكون على قولهم قد حج الله نفسه وغلب نفسه ، وإن كانت المجبرة تتجاهل إلى أن تقول إن الله قهر الثلاثة الأنبياء آدم وموسى ومحمد " ص " ا عليهم السلام على ترك الرضا بقضائه وقدره ، وقهر محمدا " ص " على أن يقول فحج آدم موسى ، وما يكون قد حجه فقد أقدموا على تكذيب نبيهم وادعوا أن الله قهره على أن يقول غير الحق ، وكفى المجبرة بذلك فضيحة في الدنيا
__________________
(١) راجع صحيح مسلم : ٤ / ٢٠٤٢ كتاب القدر.