على قولك إن الله يقبل هذا العذر الصحيح ولا يؤاخذ أحدا أبدا ، وهذا خلاف قول أهل الملل كلهم فتاب المجبرة من قوله بالجبر في الحال (١).
ومن الحكايات المشار إليها ما روي في كتب المسلمين أن أبا حنيفة صاحب المذهب اجتاز على موسى بن جعفر المعروف بالكاظم عليه السلام وهو من علماء عترة نبيهم وكان يكتب ، فأراد أبو حنيفة امتحانه فقال له : المعصية ممن؟ فقال له موسى عليه السلام : اجلس حتى أخبرك ، فجلس أبو حنيفة بين يديه : فقال موسى بن جعفر عليهما السلام : لا بد أن يكون المعصية من العبد أو من ربه تعالى أو منهما جميعا ، فإن كانت من الله فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده الضعيف ويأخذه بما لم يفعله ، وإن كانت المعصية منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف ، وإن كانت المعصية من العبد وحده فعليه وقع الأمر وإليه توجه النهي وله حق الثواب والعقاب ووجبت له الجنة أو النار. فقال أبو حنيفة : ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. وقد نظم بعض شعراء أهل البيت ذلك فقال :
لم تخل أفعالنا اللاتي نذم بها |
|
إحدى ثلاث خصال حين نأتيها |
أما تفرد بارينا بصنعتها |
|
فيسقط اللوم عنا حين نبديها |
أو كان يشركنا فيها فيلحقه |
|
ما سوف يلحقنا من لائم |
أولم يكن لإلهي في جنايتها |
|
ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها (٢) |
ومن الحكايات المشهورة المشار إليها ما روي عن بعض أهل العدل أن رجلا من المجبرة سأله عن آية في كتابهم ظاهرها أن الله أضلهم ، فقال له العدلي : إن تفصيل الجواب يطول عليك وربما لا تفهمه ولا تحفظه ، ولكن عرفني
__________________
(١) راجع البحار : ٥ / ٥٨.
(٢) نقل نحوه الصدوق في عيون أخبار الرضا : ١ / ١٣٨.