والشرك والإيمان (١) هذا لفظ الغزالي.
وصنف في آخر عمره كتابا سماه منهاج العابدين وهو آخر كتاب صنفه وما خص به إلا خواص أصحابه ، فقال في أواخر الباب الأول منه ما هذا لفظه : ولا يكون في الملك والملكوت فلتة خاطر ولا لفتة ناظر إلا بقضاء الله وقدره ومشيته ، فمنه الخير والشر والنفع والضر والإيمان والكفر والعز والشكر والفوز والخسر والغواية والرشد والطاعة والعصيان والشرك والإيمان. هذا لفظه في المعنى.
(قال عبد المحمود) : وإذا اعتبرت كلام هذا الشيخ في كتب الزهد وخاصة كتاب الإحياء وجدته يشهد صريحا وتلويحا إنه يعلم من سريرته إن العباد مختارون وفاعلون وإنما غلب عليه حب المذهب والمنشأ فإنه في كتاب الإحياء يصف أسقام الدين ويذكر الترغيب والحث على استعمال الدواء والتحريص بذلك ويظهر أنه يعتقد كونهم مختارين فاعلين يقدرون على الفعل وعلى الترك ، فإن شككت فاعتبر مقالاته لأنك تجده يوافق أهل العدل فعلا وقولا ويخالفهم قولا غفلة وجهلا.
ومما يدل على ذلك منه قوله في العارض الثاني من الباب الرابع من كتاب منهاج العابدين ما هذا لفظه : فإن قيل : هل يكون المفوض مختارا؟ فاعلم أن الصحيح عند علمائنا أنه يكون مختارا ولا يقدح في تفويضه ذلك. هذا لفظه تصريح بالاختيار وتصديق لأهل العدل والاعتبار.
بل قد زاد على القائلين بالاختيار لأن المفوض معناه أن يعزل نفسه عن الاختيار ويجعل الاختيار لنفسه إلى الله ، فإذا كان من يعزل نفسه عن اختيارها ويجعل الاختيار لله يكون مختارا ، فيجب أن يكون من لم يفوض إلى الله تعالى
__________________
(١) إحياء علوم الدين : ١ / ١١١.