كل فعل أو ترك يقع من العباد فإنه فعل الله على الجملة ، والتفصيل أن يقال لهم قد رحمناكم من شدة مصيبة هذا التفصيل ، ويحكم إن هذا الاعتقاد أقبح نكرا وأوضح كفرا من الذين اعتقدوا أن عيسى وعلي بن أبي طالب عليه السلام الاهان من دون الله ومن الذين عبدوا العجل والأصنام وغيرها من المعبودات لأن أولئك حيث عبدوها عظموها وقبلوا ما توهموا إنه منها وتركوا ما اعتقدوا أن يبعدهم عنها ، وأنتم إذا كنتم على هذا الاعتقاد الفاسد السخيف ، فكل قول أو أمر أو نهي يقع لكم من قوي أو ضعيف فهو أمر الله ونهيه ، فأين امتثالكم لأوامر بعضكم لبعض وترككم لمناهي بعضكم لبعض؟
فإن قلتم أيها المشككون فنحن أيضا إرادتنا وكراهتنا هي إرادة الله وكراهته وفعله ، فيقال لكم : إذا كان الأمر كذلك فسقطت العبادات والأوامر والنواهي وما بقي الوجود مأمور ومنهي ، لأنه كله على قولكم وجهلكم فعل إله واحد ورب واحد.
ومن عجيب ما يقال لهم أيضا : إذا كانت الأفعال كلها التي تقع منكم هي فعل الله على التحقيق ، فقد صار كلامكم وأمركم ونهيكم كالقرآن وكالوحي وكلام الله تعالى لموسى عليه السلام من الشجرة وكلام الأنبياء عن الله وما بينهم وبينكم فرق وحصل القدح في الرسل والطعن على الرسل.
ومن عجيب ما يقال لهم أيضا : إذا كان الأمر كما قلتموه من أن جميع أفعالكم فعل الله تعالى فيكم وليس لكم فعل تختصون به ، فكيف اشتمل الوجود على تابع ومتبوع ورئيس ومرؤوس ونبي وأمته وإمام ورعيته ، لأنه لا يصح أن يكون الله جل جلاله وذاته واحدة وأفعاله صادرة عنها منقسمة في نفسه وفي أفعاله كانقسام التابع والمتبوع والرئيس والمرؤوس والنبي والأمة والرعية ، ويجتمع في ذاته تابع ومتبوع ورئيس ومرؤوس ونبي وأمته وإمام ورعيته ، أما لكم من