ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها مغضبا ، وفيهم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه ، وخرج سرعان الناس فقالوا أقصرت الصلاة؟ وهناك رجل يدعوه النبي ذا اليدين فقال : يا نبي الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال : لم أنس ولم تقصر الصلاة ، قال : بلى قد نسيت ، قال : صدق ذو اليدين ، فقام فصلى ركعتين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده وأطول ثم رفع رأسه وكبر (١).
ورووا نحوه في الحديث السابع من كتاب الجمع بين الصحيحين في مسند عمران بن حصين (٢)
(قال عبد المحمود) : يا بشرى لمن فارق هؤلاء الأربعة المذاهب القائلين عن نبيهم مثل هذه المقالات المصدقين عنه لهذه الروايات.
ومن طريف هذا الحديث إن أبا بكر وعمر كانا ذاكرين أنه غلط وسهى ، ليت شعري من عرف من الرواة باطنهما حتى شهد لهما بذلك ، أو من شهد لهما بالعصمة حتى يصدقهما أنهما كانا أكمل من نبيهم وأحضر فكرا وأشد بصيرة ، وليت شعري من أين لهما أنه غلط وسهى وهلا جوزا أن يكون قد قصرت الصلاة وصارت ركعتين ونسخت منها ركعتان؟ وكيف استجازا سوء الظن به بما قالا فيه إنه سهى وغلط قبل أن يعترف به كما زعموا؟ وليت شعري كيف استحسن رواة هذا الحديث ومصححوه أن يذكروا عن نبيهم أنه غلط وسهى؟ ثم يذكرون أن أبا بكر وعمر من دون الصحابة ودون بني هاشم وعترة نبيهم على وجه التنزيه لهما بأنهما هاباه أن يكلماه ، يعني أنهما كانا منزهين في هذه عن السهو ، وليت شعري من يروي عنهما ما تقدم وما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى من الإقدام والإنكار على نبيهم في عدة مقامات ومقالات ، وكيف يستحسن أن يكذبوا
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ١ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤ ، والبخاري في صحيحه : ٢ / ٦٦ و ١ / ١٢٣.