أنفسهم وينافضوا ويباهتوا ويقولوا في هذه الرواية أنهما هاباه.
ومن طريف الحديث المذكور أنهم صدقوا أبا هريرة في أن نبيهم قال ما قصرت ولا سهوت ، وأن ذا اليدين كذبه ورد عليه ، وما أنكر على ذي اليدين منكر ، وأن نبيهم عاد وعرف أن ذا اليدين صادق في تكذيبه ، ما رأيت ولا سمعت عن قوم يقتدى بهم في الإسلام قد بلغوا من الاختلاط إلى هذه الغاية ، وليس العجب لهم فحسب بل العجب لمن يقتدي أو يثق بهم.
ومن ذلك ما رواه في الجمع بين الصحيحين للحميدي في مسند عمران بن حصين في الحديث الأول من المتفق عليه ما تضمن معناه لأن ألفاظه فيها تكرار وأسماء الرواة تطويل لا حاجة إلى ذكره ها هنا قال : إن النبي " ص " كان في سفر فنام هو وأصحابه في آخر الليل إلى أن طلعت الشمس ، فأول من استيقظ أبو بكر ثم عمر فكبر عمر تكبيرا عاليا وأيقظ رسول الله " ص " فأمرهم بالارتحال وسار غير بعيد ثم نزل وصلى الصبح قضاء.
وروى نحوه في كتاب الجمع بين الصحيحين أيضا في الحديث الثاني من أفراد البخاري من مسند أبي قتادة الحرث بن ربعي وروى نحوه أيضا في مسند أبي هريرة في الحديث الثاني من أفراد مسلم (١).
(قال عبد المحمود) : إذا نظرت أيها العاقل في وصفهم لعناية الله بنبيهم وأنه سبحانه جل وعلا لا يصح أن ينام وأن جبرئيل ما كان شفقته على نبيهم دون عناية عمر حتى كان يوقظه دون الله أو جبرئيل ، وإذا نظرت إلى رواياتهم عن نبيهم محمد " ص " أنه تنام عيناه ولا ينام قلبه وتفسيرهم ذلك بأن نومه لا يمنعه من معرفة الأحوال ، ونظرت في رواياتهم بوجوب قضاء ما فات من الصلاة عقيب ذكره ، ثم يذكرون عنه في هذه الرواية أنه أخر القضاء إلى بعد الارتحال
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه ١ / ٤٧٥.