فلما أكثروا اللغط والاختلاط قال النبي " ص " : قوموا عني فلا ينبغي عندي التنازع ، فكان ابن عباس يبكي حتى تبل دموعه الحصى ويقول : يوم الخميس وما يوم الخميس! قال راوي الحديث فقلت : يا بن عباس وما يوم الخميس؟ فذكر عبد الله بن عباس يوم منع رسول الله " ص " من ذلك الكتاب ، وكان ابن عباس يقول : الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله " ص " وبين كتابه (١).
(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب : لقد صدق ابن عباس عند كل عاقل مسلم، والله لو لبس المسلمون السواد وأقاموا المآتم وبلغوا غاية الأحزان كان ذلك يسيرا لما أدخل عمر عليهم من المصيبات وأوقعهم فيه من الهلاك والضلال والشبهات.
وليت شعري أي اختلال في هذا كلام نبيهم محمد " ص " حتى يقول عمر إنه يهجر أو قد غلب عليه المرض ، أهكذا يجب أن يكون أدب الأمم مع الأنبياء؟ أو هكذا يجب أن يكون أدب الرعية مع الملوك؟ وأي ذنب كان لنبيهم عندهم؟ وأي تقصير قصر في حقهم؟ حتى يواجهه عمر عند وفاته ويجبهه في وجهه ويقول إنه يهذي ، وأين هذا مما تضمنه كتابهم " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " (٢) ما هذا إلا بئس الامتثال من عمر لأمر ربه ، فلقد رفع صوته وجهر له أقبح مما يجهر بعضهم لبعض.
ومن أعجب ذلك أنهم ذكروا أن كتابهم يتضمن وصف نبيهم بقوله " وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " (٣) وخاصة مثل هذا الكتاب الذي
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ٣ / ١٢٥٩ ، والبحار : ٨ / ٢٧٤ ط كمباني ، والبخاري في صحيحه : ١ / ٣٧.
(٢) الحجرات : ٢.
(٣) النجم : ٣.