(قال عبد المحمود) : أنظر رحمك الله في هذا الحديث الصحيح عندهم ففيه عدة طرائف.
فمن طرائفه إقرار عبد الله بن عمر وشهادته أن العقول تقتضي أن المتولي لأمور إذا تركهم بغير وصية إلى من يقوم مقامه يكون قد ضيعهم ، وقد شهدوا على رسولهم أنه قبض ولم يستخلف وضيع أمور الناس ، وفي ذلك ما فيه.
ومن طرائفه شهادته على أبيه إن هذا القول وافقه واستصلحه ثم عدل عنه. ومن طرائفه قول عمر إن الله يحفظ دينه وما في هذا القول من المغالطة ، أتراه يريد إن الله يحفظ دينه وإن لم يكن للناس راع وسائس أم لا بد من راع وسائس ، فإن كان يحفظ دينه من غير راع وسائس فقد ذم أبا بكر حيث نص عليه وذم نفسه حيث عين ستة أنفس ، فإن كان لا بد من سائس فقد عابوا على نبيهم إذا كان قد ترك الأمة بغير راع وسائس كما زعموا.
ومن طرائفه قوله ما يستخلف ، وليت شعري كيف يكون الاستخلاف؟ فإن عمر وإن كان قد خالف تدبير رسولهم وتدبير أبا بكر فإنه أيضا استخلف وأوصى وعين الخلافة في ستة نفر ويقلد الأمر حيا وميتا وزاد على ذلك أنه عرض الإسلام للفتنة.
ومن طرائفه التنبيه على أن الشورى كانت سبب الاختلاف بين المسلمين وافتراقهم ، والشاهد على ذلك ما ذكره جماعة من أهل التواريخ والعلماء ، وذكره ابن عبد ربه في كتاب العقد في المجلد الرابع عند ذكره أن معاوية سأل ابن حصين فقال له معاوية : أخبرني ما الذي شتت أمر المسلمين وجماعتهم وفرق ملأهم وخالف بينهم؟ فقال : نعم قتل الناس عثمان قال : ما صنعت شيئا قال : فمسير علي إليك وقتاله إياك قال : ما صنعت شيئا قال : ما عندي غير هذا