يا أمير المؤمنين قال : فأنا أخبرك أنه لم يشتت بين المسلمين ولا فرق أهوائهم إلا الشورى التي جعلها عمر في ستة نفر.
ثم فسر معاوية ذلك في آخر الحديث فقال ما هذا لفظه : فلم يكن من الستة رجل إلا رجاها لنفسه ورجاها لقومه ، وتطلعت إلى ذلك نفسه ، ولو أن عمر استخلف عليهم كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك اختلاف (١).
(قال عبد المحمود) : فأراهم قد شهدوا أن عمر كان سبب المنع لنبيهم من الصحيفة التي أراد أن يكتبها لهم عند وفاته حتى لا يضلوا بعده أبدا وكان عمر سبب ضلال من ضل منهم لما تقدم شرحه ، وقد شهدوا عليه الآن إن ما عمله في الشورى كان سبب افتراق المسلمين واختلافهم فقد صار أصل الضلال وفرعه في الإسلام من عمر على ما شهد به علماؤهم.
ومن طرائف مناقضاتهم أنهم رووا السقيفة مع المهاجرين والأنصار أن الأئمة من قريش، وقد روى الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في الحديث السادس في مسند عمر بن الخطاب إن أبا بكر قال ذلك اليوم : ولن يعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش.
ثم رووا في كتبهم أن عمر يترك هذه الموافقة لأبي بكر يوم السقيفة ، وقال يوم الشورى لما ذكر أصحاب الشورى وذم كل واحد بشئ يكرهه وقال : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا ما تخالجني فيه الشكوك ، ومن المعلوم بلا خلاف أن سالما ما كان من قريش ، فكيف هذه المناقضة في الأحوال والاختلاف في الأفعال؟ وقد ذكر النظام في كتاب الفتيا حديث المناقضة في ذلك.
ومن طرائف ما رأيت في كتب المسلمين وقد ذكره عالم من علمائهم يقال قطب الدين الراوندي في كتاب منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة قال : إن
__________________
(١) العقد الفريد : ٢ / ٢٠٣ ط مصر.