كلمة الكفر مع الخوف على النفس ، وكتابهم ينطق بذلك في قوله تعالى " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " (١).
وذكر علماء الأربعة المذاهب وغيرهم أنه لما اجتمع المسلمون على خلع عثمان من الخلافة قالوا له : إما أن تخلع نفسك أو نقتلك ، فاختار القتل على خلع نفسه وقال : لا أخلع قميصا ألبسنيه الله.
فيدل ذلك على أن خلع الإنسان لنفسه من الخلافة عند عثمان أعظم من إظهار كلمة الكفر ، والعجب من قوله ألبسنيه وقد علم هو وأهل العلم والتواريخ إنما ألبسه إياه عبد الرحمن بن عوف ، ثم قد رووا بلا خلاف بينهم أن أبا بكر قام على المنبر وقال : أقيلوني فلست بخيركم وفعل ذلك من غير إكراه أحد له على الخلع ولا خوف من القتل.
وهذا يدل على تخطئة عثمان أو أبي بكر وإن أبا بكر قد وقع منه أعظم من الكفر باستقالته من الخلافة على مذهب عثمان ، أو يكون عثمان قد ألقى بنفسه إلى الهلاك الذي تضمن كتابهم النهي عنه فقال " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " (٢).
ومن طريف وعجائبه قولهم لعثمان أخلع نفسك وقول أبي بكر أقيلوني لأنه إن كان خلع الخليفة من الخلافة إلى الأمة ، فلأي حال قالوا لعثمان اخلع نفسك وقد كان يجب أن يخلعوه ، وإن كان الخلع إلى الخليفة فلأي حال يقول أبو بكر أقيلوني بل كان ينبغي أن يستقيل بنفسه ويقعد عن الخلافة وهذا يدل على ما يقال من الاختلاط والاختلال.
ومن طريف عصبية القائلين بخلافة عثمان أنهم قد علموا أن أهل المدينة
__________________
(١) النحل : ١٠٦.
(٢) البقرة : ١٩٥.