فرعون " قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون " (١) ونحو قوله " فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " (٢) بل كان علي بن أبي طالب عليه السلام يفدي للنبي محمد " ص " بمهجته كما تقدم شرحه أوائل هذا الكتاب لما بات على فراشه وفي غيره من حروبه ، ولا يتوقف ولا يتعذر عن شئ من أوامره له في واجب أمره ومندوبه ، ولا يتعرض لمكروهه ومحظوره وعتابه وكان يتبعه ومعه في سائر أسبابه.
ولا جرى لعلي بن أبي طالب عليه السلام نحو قول عيسى عليه السلام فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله " (٣) فإن عيسى عليه السلام لما أحس منهم الكفر طلب النصرة ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام تيقن الكفر من قريش ومن أعداء محمد " ص " وجاهروه به وبات على فراشه كما تقدم وصفه وفداه بمهجته ورمى نفسه في كتائبهم عند الحروب وبذلها لعلام الغيوب وفرح كلما دخل عليه وباشره من الكروب ، ولم يطلب منه نصرة ولا استعفى ولا استعان بغير الله من سائر بريته مدة حياة محمد " ص " وفي كل وقت يريد منه الانفراد والاجتهاد وقاه بمهجته ، مع أنهم رووا كما قدمناه أن عيسى بن مريم يصلي مؤتما بصلاة المهدي عليه السلام ، ومن المعلوم أن علي بن أبي طالب عليه السلام أفضل من المهدي عليه السلام الذي هو إمام لعيسى عليه السلام.
وقد تقدمت الأخبار من صحاح الأربعة المذاهب بأوصاف علي بن أبي طالب عليه السلام ، وأقروا بالعجز عن حصر ما جمع له من المناقب ، ومما بلغ إليه
__________________
(١) القصص : ٣٣.
(٢) الشعراء : ١٤.
(٣) آل عمران : ٥٢.