وأما الفصيل فيدل على ذلك وجوه :
(الأول) قوله عليه السلام " أقضاكم علي " ، والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم ، فلما رجحه على الكل في القضاء لزم أنه رجحه عليهم في جميع العلوم ، وأما سائر الصحابة فقد رجح كل واحد منهم على غيره في علم واحد كقوله أفرضكم زيد بن ثابت وأقرأكم أبي.
(الثاني) أن أكثر المفسرين سلموا أن قوله تعالى " وتعيها أذن واعية " نزل في حق علي بن أبي طالب عليه السلام ، وتخصيصه بزيادة الفهم يدل على اختصاصه بمزيد العلم.
(الثالث) روي أن عمر أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر فنبهه علي عليه السلام بقوله تعالى " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " مع قوله تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر فقال عمر : لولا علي لهلك عمر ، وروي أن امرأة أقرت بالزناء وكانت حاملا فأمر عمر برجمها فقال : إن كان لك سلطان عليها فما سلطانك على ما في بطنها ، فترك عمر رجمها وقال : لولا علي لهلك عمر.
فإن قيل لعل عمر أمر برجمها من غير تفحص عن حالها فظن أنها ليست بحامل فلما نبهه علي ترك رجمها.
قلنا : هذا يقتضي أن عمر ما كان يحتاط في سفك الدماء وهذا أشر من الأول.
وروي أيضا أن عمر قال يوما على المنبر : ألا تغالوا في مهور النساء فمن غالى في مهر امرأة جعلته في بيت المال ، فقامت عجوز وقالت : يا أمير المؤمنين أتمنع عنا ما جعله الله لنا ، قال الله تعالى " وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا " فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت ، فهذه الوقائع وقعت لغير