بخلاف ما يعتقدونه علة فلا يبقى لهم طريق ولا وثوق بعلة ولا قياس أصلا.
ثم يقال للأشعرية خاصة فيما ذهبوا إليه من القياس من الشرعي عندهم : نراكم في كتب الأصول تدعون القطع على أن أفعال الله يستحيل تعليلها بأمور لأجلها كانت كذلك ، والقياس إنما يصح لكم بعد ثبوت العلل في القياس واستعمالها ، فإن ادعى ذو جهالة منهم أن ثبوت العلل إنما يحتاج فيه إلى غلبة الظن دون القطع قيل له : إذا ثبت ما تدعون من استحالة التعليل على الله تعالى كيف يبقى مجال الظن أو غيره ، وهذا لا جواب لهم عنه إلا بإبطال القياس أو جواز التعليل على الله تعالى.
وقد روى الخطيب في تاريخه وابن شيرويه الديلمي قالا : إن النبي " ص " قال : ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور ، فيحرمون الحلال ويحللون الحرام.
وقد وقفت على كتب علماء عترة نبيهم وهم مجمعون على تحريم العمل بالقياس ، وأخبار هؤلاء الأربعة المذاهب في كتبهم الصحاح تشهد أن عترة نبيهم لا يخالفون كتاب ربهم إلى يوم القيامة.
ثم وقد روى علماء الإسلام أخبارا متظاهرة في المنع من القياس والرأي.
فمن ذلك ما رووه عن أبي بكر أنه قال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي.
ومن ما ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب قال : إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا.
ومن ذلك ما رووه عن عمر أنه كتب إلى شريح القاضي وهو يومئذ نائبه على القضاء: إقض بما في كتاب الله فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فاقض بما في سنة رسول الله ، فإن جاءك ما ليس في سنة رسول الله " ص " فاقض بما أجمع عليه أهل العلم ، فإن لم تجد فلا إن لا تقضي.
ومن ذلك ما رووه عن عبد الله بن عباس أنه قال : لو جعل الله لأحد أن يحكم