المشرق ، ومخالفتهم لما تضمنه كتابهم " وأتموا الصيام إلى الليل " (١) وفي موضع آخر " ولا تبطلوا أعمالكم " (٢) وتهوينهم بهذه الفريضة التي هي من أظهر أركان الإسلام ، وقد رووا في صحاحهم ضد ما عملوا عليه.
ورواه مسلم أيضا في صحيحه من المجلد الثاني بإسناده عن ابن أبي أوفى قال عن نبيهم في أواخر حديثه ما هذا لفظه : إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا ـ وأشار بيده نحو المشرق ـ فقد أفطر الصائم (٣).
(قال عبد المحمود) : هذا لفظ الحديث يتضمن إن وقت الافطار إقبال الليل من المشرق ، وذلك إنما يكون عند ذهاب الشفق الأحمر من ناحية المشرق وهو أول دخول الليل كما ذهب إليه أهل بيت نبيهم ، فعلام وقعت المخالفة لهم وقد أمروا بالتمسك بهم.
ومن طرائف ما سمعت عن جماعة كثيرة من المسلمين أنهم إذا رأوا من يفطر منهم في السفر في صوم شهر رمضان جعلوه مبدعا وأنكروا عليه ، وإن بعض المسلمين يعتذر إليهم بأن يقول إنه من أهل الذمة ، وقد رأيت في صحاحهم ما يدل على خلاف ما ينكرونه.
فمن ذلك ما ذكره الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في مسند عبد الله بن عباس في الحديث الثاني من المتفق عليه قال : إن النبي " ص " خرج من المدينة ومعه عشرة آلاف من المسلمين ، وذلك على رأس سنة ثمان سنين ونصف من مقدمة المدينة ، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد ـ وهو ما بين عسفان وقديد ـ أفطر وأفطروا ، قال
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) محمد : ٣٣.
(٣) مسلم في صحيحه : ٢ / ٧٧٣ ، ورواه البخاري في صحيحه : ٢ / ٢٣٧.