ومن طريف ما رأيت من كثير من المسلمين تعظيم ليلة خمس وعشرين من شهر رمضان ومن بعضهم ليلة تسع وعشرين ، وما رأيت لهم اهتماما ولا إكراما لليلتي إحدى وعشرين ولا ليلة ثلاث وعشرين من الشهر المذكور ، وقد رووا تعظيم الليلتين المهملتين.
فمن ذلك ما ذكره الحميدي في مسند أبي سعيد الخدري في الحديث الرابع من المتفق عليه عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله اعتكف في العشر الأولى من رمضان ، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير. قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ، ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه فقال : إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكف العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي : إنها في العشر الأواخر. فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف ، فاعتكف الناس معه قال: وإني أريتها ليلة وتر وإني أسجد صبيحتها في طين وماء ، فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح ، فمطرت السماء فوكف المسجد فأبصرت الطين والماء ، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر (١).
ومن ذلك ما رواه الحميدي أيضا في كتابه في مسند عبد الله بن أنيس الجهني أن رسول الله " ص " قال : أريت ليلة القدر ثم أنسيتها وأراني صبحها أسجد في ماء وطين. قال : فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين ، فصلى بنا رسول الله " ص " فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه قال : وكان عبد الله بن أنيس يقول : ثلاث وعشرين أكثر ظنه بليلة القدر (٢).
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ٢ / ٨٢٥ ، والبخاري في صحيحه. ٢ / ٢٥٦.
(٢) رواه مسلم في صحيحه : ٢ / ٨٢٧.