من يعدل عن الوضوء بعد الغسل للجنابة وقد ذكر أحمد بن حنبل في مسنده قال : إن النبي " ص " كان لا يتوضأ بعد الغسل. وقد روى صاحب كتاب الحلية قال : إن النبي " ص " قال : من توضأ بعد الغسل فليس منا. وذكر ذلك أيضا أبو داود السجستاني في صحيحه.
ومن طريف ما سمعت ووقفت عليه إن أبا داود السجستاني وابن ماجة ذكروا في كتاب السنن أن النبي " ص " قد هم بالبوق وأمر بالناقوس فرأى عبد الله بن زيد في المنام فعلمه رجل عليه ثوبان أخضران الأذان (١).
(قال عبد المحمود) : كيف جاز نقل مثل هذا الحديث وتصديقه مع ما تضمنه كتابهم " وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " وما كان عبد الله بن زيد ممن يدعي أنه يوحى إليه ولا يجيزون أن يأتيه الوحي لنبيهم على لسان عبد الله ، ولا ريب الأذان من جملة شريعتهم فكيف ثبتت الشريعة بمنام بعض أصحاب نبيهم؟ إن هذا من جملة الاضلال الذي لا يجوز تصديقه لأهل الكمال ، وقد رووا في كتبهم ضد ما قالوه وتصديق ما أنكروه.
فمن ذلك ما ذكره الحميدي في كتابه في مسند أنس بن مالك في الحديث الخامس والستين من المتفق عليه قال : لما كثر الناس وذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشئ يعرفونه ، فذكروا أن يوروا نارا أو يضربوا ناقوسا ، فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يؤتر الإقامة (٢).
وذكروا في تفسير قوله تعالى " يا أيها المدثر * قم فأنذر " فقالوا : إن جبرئيل عليه السلام جاء إلى النبي " ص " في مبدأ الأمر فقال : يا أيها المدثر قم فأنذر ، فقام وجعل يؤذن والإصبع في أذنه.
__________________
(١) السجستاني في سننه : ١ / ١٣٤.
(٢) رواه البخاري في صحيحه : ١ / ١٥٠ ، ومسلم في صحيحه : ١ / ٢٨٦.