وقد قال أصحاب هذه المسألة : ان أمركم فيها يئول الى قول المجبرة ، لزعمكم أن الجوهر لم يكن جوهرا بفاعله ولا صار شيئا يضايفه وانما وجوه ، فإذا سألناكم عن إيجاده وهل هو نفس الجوهر أم شيء غيره لم نسمع في ذلك الا ما ادعته المجبرة في الكسب.
الجواب وبالله التوفيق :
اعلم أن قولنا «جوهر» عبارة عما يجب له التحيز إذا وجدت ، لان الذوات على ضربين :
منها ما يجب متى وجد أن يكون متحيزا.
ومنها ما يستحيل فيه التحيز مع الوجود ، كالاعراض والقديم تعالى ، فعبرنا عن القسم الأول بعبارة مفيدة ، وهي قولنا «جوهر».
وانما قلنا ان الجوهر لا بد أن يكون في حال عده (١) جوهرا ، لانه لا بد أن يكون في حال عدمه على حال يجب لأجلها التحيز متى وجد ، ولهذا قلنا «انه جوهر لنفسه وجنسه».
والدليل على ذلك أنه لا يخلو أن يكون المتحيز في الوجود مما يجب له هذه الصفة ، ولا يجوز عليه خلافها ولا المتبدل بها ، وان يكون الأمر بخلاف ذلك.
فان كان الأمر على الأول ، فلا بد من اختصاصه في حال العدم بصفة يجب معها لها هذا الحكم عند الوجود مما (٢) يستحيل عليه هذا الحكم عند الوجود ، وأضفنا تلك الصفة إلى النفس ، لان ..
__________________
(١) ظ : عدمه.
(٢) خ ل : حتى.