غيره.
والقول (١) في ذلك : أن حمل نصب «أرجلكم» على موضع الجار والمجرور في الآية لا يستقيم ، لمخالفته ما عليه بغير النبي بل في هذا النحو.
وذلك أنا وجدنا في التنزيل العاملين إذا اجتمعا حمل الكلام على العامل الثاني الأقرب الى المعمول فيه دون الأبعد ، وذلك في نحو قوله (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً)(٢) ، حمل على العامل الثاني الأقرب الذي هو «أفرغ» دون الأول الذي هو «آتوني» ، ولو حمل على الأول لكان آتوني أفرغه عليه قطرا ، أي آتوني قطرا أفرغ عليه. وكذلك (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)(٣) أعمل «يفتيكم» دون «يستفتونك» ولو أعمل الأول لكان يستفتونك قل الله يفتيكم فيها.
وكذلك قوله تعالى (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(٤) أعمل الأقرب من العاملين ، وهو «أقروا» ولو عمل الأول لكان هاؤم أقروه كتابيه.
فاذن كان حكم العاملين إذا اجتمعا على هذا الذي ذكرت من اعمال الثاني أقرب منهما الى المعمول ، لم يستقم أن يترك حمل «الأرجل» على البناء التي هي أقرب اليه ، ويحمل على الفعل لمخالفته ذلك ما ذكرت من الآي ، وان الأكثر في كلامهم : خشنت بصدره وصدر زيد بجر صدر المعطوف على البناء من حيث كان أقرب اليه ، وهذا مذهب سيبويه.
ثم قال : فان قال قائل : إذا نصب «الأرجل» فقال «وأرجلكم» فقد حمل
__________________
(١) ظ : فالقول.
(٢) سورة الكهف : ٩٦.
(٣) سورة النساء : ١٧٦.
(٤) سورة الحاقة : ١٩.