على الأقرب ، فلما استعملوا ذلك فيما لا يصح في المعنى ، نحو «غزل العنكبوت الزمل» حتى فيما يتقارب فيه المعنيان ، لان المعاني إذا تقاربت وقع ألفاظ بعضها على بعض ، نحو قولهم «أنبأت زيدا عمرا خير الناس» وأنبأت أفعلت من النبإ ، والنبإ الخبر ، فلما كان الإنباء ضربا من الاعلام أجروا «أنبأت» مجرى «أعلمت» فعدوه إلى ثلاثة مفاعيل ، كما عدوا أعلمت إليهم (١) ، وكما جرى قوله تعالى (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ)(٢) مجرى علموا في قوله : ولقد علمت لتأتين منيتي وذلك أن بدا لهم ظهر لهم رأي لم يكونوا رأوه، فهو بمنزلة علموا ما لم يعلموا.
وقد زعم أبو الحسن أنهم قالوا : ما سمعت رائحة أطيب من هذه ، ولا رأيت رائحة أطيب من هذه ، وما رأيت كلاما أصوب من هذا ، فوضع بعض العبارة عن أفعال هذه الحواس مكان بعض ، لاجتماعهن في العلم بها ، وكذلك وضع المسح مكان الغسل ، لاجتماعه في وقوع التطهير بهما في الأعضاء. والمراد بالمسح الغسل كما كان المراد بما سمعت رائحة ما شممت ولا رأيت كلاما ما سمعت ، فوقع كل واحد منهما في الاتساع موضع الأخر، لاجتماعهما في العلم على الوجه الذي علم به ذلك.
الجواب : يقال له : قد صرحت في كلامك أن القراءة في الأرجل بالجر أولى وأرجح من القراءة بالنصب على موجبة العربية. وهذا صحيح مبطل لما يظنه من لا يعرف العربية من الفقهاء ، إلا أنك لما أعيتك الحيل في نصرة غسل الأرجل من طريق الاعراب ، عدلت إلى شيء حكي عن أبي زيد الأنصاري من
__________________
(١) ظ : إليها.
(٢) سورة يوسف : ٣٥.