وأنهم إذا عجزوا عن معارضته ومقابلته ، فقد عجزوا عن تجانس كلامهم.
وليس ينبغي أن يعتمد على هذا الجواب الذي ذكرناه مستضعفاً له.
ومما قيل في هذه الحروف أنها منبئة عن أسماء الله تعالى ، فقالوا (الم) أنا الله ، وفي (الر) أنا الباري ، وفي (المص) أنا الله الصادق ، وفي (كهيعص) الكاف من كريم والعين من عليم والصاد من صادق والهاء من هادي ، وهذا حكي عن جماعة من المفسرين.
وهو وجه باطل لا خفاء في بطلانه ، لانه رمز وإلغاز لا يدل ظاهر الكلام عليه ، ولو أن أحدنا نطق بحرف من هذه الحروف وأراد الإشارة به الى .. الحروف ، لعذر أمر ملغز ولكان مذموماً (١).
وبعد فليس المناسب للحروف (٢) المخصوص الى كلمة مخصوصة تشتمل عليه وعلى غيره ، بأولى ممن نسبه الى غير تلك الكلمة مما يشتمل على تلك الحروف ، وهذا يقتضي أن لا يستقر لهذه الحروف معنى من المعاني معقول ، والله تعالى يجل من أن يتكلم بما لا معنى له.
ومما قيل في ذلك أيضاً : أن هذه الحروف تقطيع لاسم الله تعالى.
وهذا أيضاً باطل ، لانه لا يخرج عن أن يكون خطاباً بما لا يعقل ولا يفهم معانيه.
فأما المتشابه فعندنا أن الله تعالى وان علم تأويله والعلماء أيضاً يعلمون مثل ذلك ، والآية التي يتعلق بها في هذا الباب من قوله تعالى (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا
__________________
(١) كذا.
(٢) ظ : للحرف.