تعلقه به تعلق الفاعل والمفعول ، فكأنه قال : حرم أن لا تشركوا ، أو المبتدأ والخبر ، فكأنه قال : الذي حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا.
والتعلق الأول يمنع منه لفظة «حرم» من صلة لفظة «ما» التي بمعنى الذي ، فلا يعمل فيما بعدها. ألا ترى أنك إذا قلت «حرمت كذا» فالتحريم عامل فيما بعده على الفعل من المفعول ، فإذا قلت : الذي حرمت كذا ، فبطل هذا المعنى.
ولم يجز أن يكون التحريم متعلقاً بما بعده على معنى الفعلية ، بل على سبيل المبتدأ والخبر. ولا يجوز أن يكون في الآية التعلق على هذا الوجه ، لان صدر الكلام يمنع من ذلك.
ألا ترى أنه تعالى قال (تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) ف «ما» منصوب لانه مفعول أتل ، وإذا كان كذلك لم يجز أن يكون «ما حرم» مبتدأ حتى يكون «ألا تشركوا» خبراً له.
وإذا بطل التعلق بين الكلام من كلا الوجهين ، نظرنا في قوله تعالى (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ) ، لان ذلك واجب غير محرم ، فوجب أن يضمر اما أوصاكم أن لا تشركوا به (١).
والإضمار الأول يشهد له آخر الآية في قوله تعالى (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٢) والإضمار الثاني يشهد له أول الآية في قوله تعالى (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما) أوصانا به فقد أمرنا به وبنينا إليه.
فإن قيل : فما موضع «ان» من الاعراب؟.
__________________
(١) في الهامش : أوصيكم أن لا تشركوا أو أتل عليكم.
(٢) سورة الانعام : ١٥١.