قلنا : في ذلك وجوه ثلاثة :
أحدها : الرفع ، ويكون التقدير : ذلك أن لا تشركوا به شيئاً ، فكأنه مبتدأ أو خبر.
والثاني : النصب ، اما على أوصى أن لا تشركوا ، أو على أتل أن لا تشركوا.
والثالث : أن لا يكون لها موضع ، يكون المعنى : ألا تشركوا به شيئا.
فإما موضع «تشركوا» فيمكن فيه وجهان : النصب ب «أن» والجزم ب «لا» على وجه النهي.
فان قيل : كيف يعطف النهي في قوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ)(١) على الخبر وهو أوصى أن لا تشركوا.
قلنا : ذلك جائز مثل قوله تعالى عزوجل (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(٢) ومثل قول الشاعر :
حج وأوصى لسلمى الا عبدا |
|
ألا ترى ولا تكلم أحدا |
ولم يزل شرابها مبرداً |
فعطف «لا تكلم» وهي نهي على الخبر.
ويمكن في الآية وجه آخر غير مذكور فيها والكلام يحتمله ، وهو أن يكون الكلام انقطع عند قوله تعالى (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ) والوقف هاهنا ، ثم ابتدأ فقال «عليكم ألا تشركوا به شيئاً» وإذا كان على هذا الوجه ، احتمل «عليكم ألا تشركوا» وجهين :
أحدهما : أن يراد يلزمكم وواجب عليكم ، كما يقال : عليك درهم وعليك
__________________
(١) سورة الإسراء : ٣١.
(٢) سورة الانعام : ١٤.