القدرة والداعي يستلزم حصول الفعل ، إلا أن الملزوم واللازم إنما يحصلان بقدرة الله تعالى كما أن الجوهر والعرض متلازمان ، ومع ذلك فإنهما لا يوجدان إلا بقدرة الله تعالى.
والقول الرابع : إن المؤثر في حصول الفعل هو قدرة العبد على سبيل الاستقلال. وهذا هو قول المعتزلة (١) ثم هؤلاء اختلفوا في مواضع :
فالأول : إن تأثير القدرة في حصول الفعل. هل هو موقوف على حصول الداعي؟ أما «أبو الحسين» فقد اضطرب قوله فيه. فكلما تكلم مع الفلاسفة في قولهم : لم خصص الله إحداث العالم بالوقت المعين ، دون ما قبله أو ما بعده؟ قال : «الفعل لا يتوقف على الداعي» وكلما تكلم في سائر المسائل مع أصحابه. قال : «الفعل يتوقف على الداعي ، وأن الرجحان من غير المرجح : باطل في بدائه العقول».
وأما مشايخ المعتزلة فأكثرهم [لا يوقفون (٢)] حصول الفعل على الداعي. ثم إذا قلنا : إن الفعل يتوقف على الداعي. فهل يصير الفعل واجب الوقوع عند حصول الداعية الخالصة؟ فالأليق بكلام «أبي الحسين» أنه يسلم الوجوب. وقال صاحبه «محمود الخوارزمي» : «إن الفعل عند (٣) حصول الداعي يترقى من حد التساوي ، ولكن لا ينتهي إلى حد الوجوب ، بل يصير أولى بالوقوع».
والثاني : إن العلم بكون العبد موجدا لأفعال نفسه : علم ضروري (٤) أو نظري؟ فالجمهور من مشايخ المعتزلة اتفقوا على أنه علم نظري. وأما «أبو
__________________
(١) يقول القاضي عبد الجبار في المجموع : «إن الفعل إنما يقع من أحدنا ، لمكان الدواعي. ولولاها لم يقع. فيجب أن يكون القادر ، من يصح اختصاص الدواعي به» [ص ٢٦ المجموع في المحيط بالتكليف]
(٢) سقط (ل).
(٣) في (م).
(٤) نظري أو ضروري (ط).