الفصل الأول
في
حكاية قول من يقول
العلم الضروري حاصل بكون العبد موجدا
ـ قد نقلنا في أول المسألة : أن «أبا الحسين» يدعي العلم الضروري بأن العبد موجد لأفعال نفسه ـ واحتجوا على أن العلم الضروري حاصل بذلك بوجوه ثلاثة :
الأول : إن كل عاقل يعلم من نفسه : أن وقوع تصرفاته موقوف على دواعيه [ولو لا دواعيه (١)] لما وقع شيء منها. فمتى اشتد به الجوع ، وكان تناول الطعام ممكنا ، فإنه يصدر منه تناول الطعام. ومتى اعتقد أن [في (٢)] الطعام سما ، ينصرف عنه. وكذلك يعلم من غيره من العقلاء ، الذي أحوالهم سليمة : أنه يجب وقوع أفعالهم بحسب دواعيهم. فإن الولد العاقل السليم إذا علم ما له من المنفعة في شرب الماء ، حال شدة عطشه ، ولم يمنعه منه مانع ، فإنه يصدر منه الشرب ، لا محالة. ومتى علم ما له من المضرة في دخول النار ، فإنه لا يدخل فيها. وإذا كان معنى الموجد للشيء : هو الذي يحدث منه الفعل ، موافقا لدواعيه ، ثبت أن العقلاء قد يعرفون (٣) ببدائه عقولهم كون العبد كذلك. علمنا : أن علمهم بكون العبيد محدثين لتصرفاتهم : علم ضروري.
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) سقط (م).
(٣) يعرف في بداية عقولهم (م).