وصح أن الرمي الذي أثبته لنبيّه عليهالسلام هو ظهور حركة الرمي منه فقط وهذا نصّ قولنا دون تكلف وكذلك قوله تعالى (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) [سورة الأنفال : ١٧] والقول في هذا كالقول في الرمي ولا فرق وكذلك قوله تعالى (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) [سورة الأنعام : ١٠٨].
وقوله ـ تعالى ـ (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) [سورة النحل : ٦٣].
فعلمنا ضرورة أن تزيين الله ـ تعالى ـ لكل أمة عملها إنما هو خلقه لمحبة أعمالهم في أنفسهم وأن تزيين الشيطان لهم أعمالهم إنما هو ظهور الدعاء إليها بوسوسته ، وقال تعالى حاكيا عن عيسى ـ عليهالسلام ـ أنه قال : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) [سورة آل عمران : ٤٩].
أفليس هذا فعلا من الله ـ تعالى ـ ومن المسيح ـ عليهالسلام ـ بنص الآية ..؟؟؟ وهل خالق الطير ، ومبرئ الأكمه والأبرص إلا الله لا إله إلا هو ..؟؟؟ وقد أخبر ـ عليهالسلام ـ أنه يخلق ويبرئ ، فهو فعل من فاعلين بلا شك ، وقد أخبر ـ عزوجل ـ عن نفسه أنه يحيي ويميت ، وقال عيسى ـ عليهالسلام ـ عن نفسه (وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ.)
فبالضرورة نعلم أن الميت الذي أحياه عيسى ـ عليهالسلام ـ والطير الذي خلق بنص القرآن ، فإن الله تعالى أحياه وخلقه ، وعيسى عليهالسلام أحياه وخلقه بنص القرآن ، وهذا كله فعل من فاعلين بلا شك ، وبالله تعالى التوفيق.
وهكذا نقول في قوله ـ عزوجل ـ (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ) [سورة إبراهيم : ٢٨] فقد علمنا يقينا أن الله ـ تعالى ـ هو الذي أحلهم دار البوار بلا شك لكن لما ظهر منهم السبب الذي حلّوا به دار البوار أضيف ذلك إليهم كما قال تعالى عن إبليس (كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) [سورة الأعراف : ٢٧].
وقد علمنا يقينا أن الله تعالى هو الذي أخرجهما وأخرج إبليس معهما ، لكن لما ظهر السبب من إبليس في خروجهما أضيف ذلك إليه وكما قال تعالى : (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) [سورة إبراهيم : ١].
وقال لموسى ـ عليهالسلام ـ (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [سورة إبراهيم : ٥].
وكذلك أيضا نقول إن محمدا صلىاللهعليهوسلم أخرجنا من الظلمات إلى النور وقد علمنا أن المخرج لنا وله ـ عليهالسلام ـ هو الله تعالى لكن لما ظهر السبب منه ـ عليهالسلام ـ