أضيف الفعل إليه وهذا كله لا يوجب الشركة بينهم وبين الله ـ تعالى ـ كما تموّه المعتزلة وكل هذا فعل فاعلين ، وكذلك سائر الأفعال الظاهرة من الناس ولا فرق.
وقال تعالى (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) [سورة آل عمران : ١٧٨].
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [سورة القلم : ٤٥].
وقال تعالى (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) [سورة محمد : ٢٥].
فعلمنا ضرورة أن إملاء الله تعالى إنما هو تركه إياهم دون تعجيل عقاب ، بل بسط لهم في الدنيا ومدّ لهم من أنعمه ما كان لهم عونا على الكفر والمعاصي ، وعلمنا أن إملاء الشيطان إنما هو بالوسوسة ، وإنساء العقاب ، والحض على المعاصي ، وقال تعالى (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [سورة الواقعة : ٦٣ ، ٦٤].
فهذا فعل من فاعلين ضرورة نسب إلى الله تعالى لأنه اخترعه وخلقه وأنماه ، ونسب إلينا لأننا تحركنا في زرعه فظهرت الحركة المخلوقة فينا ، فهذه كلها أفعال خلقها الله تعالى وأظهرها في عباده فقط ، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : وتحقيق القول في الأفعال هو أن الله تعالى خلق كل ما خلق قسمين فقط جوهرا حاملا وعرضا محمولا في ذلك الجوهر فهو خلق الجوهر الكامل قسمين فقط حيا وغير حي ، ثم خلق الحيّ قسمين ناطق وغير ناطق ، فغير الحي هو الجماد كله ، والناطق هو الملائكة والحور العين والإنس والجن ، وغير الناطق هو كل ما عدا ما ذكرنا من الحيوان ، ثم خلق تعالى في الجمادات وفي الحي غير الناطق وفي الحي الناطق حركة وسكونا وتأثيرا ، وقد ذكرناه آنفا كما تقول : الفلك يتحرك والمطر ينزل والوادي يسيل ، والجبل يسكن ، والنار تحرق ، والثلج يبرد ، وهكذا في كل شيء ، بهذا جاء القرآن وجميع اللغات ، قال تعالى (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) [سورة المؤمنون : ١٠٤].
وقال تعالى : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً) [سورة الرعد : ١٧].
وقال تعالى (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [سورة الرعد : ١٧].
وقال (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ) [سورة البقرة : ١٦٤].
ومثل هذا كثير جدا ، وبهذا جاءت اللغات في نسبة الأفعال الظاهرة في الجمادات إليها لظهورها فيها فقط لا تختلف لغة في ذلك .. وقال تعالى حاكيا عن