تعالى ، لأنه لم يأت بها نص ، ولم يقله تعالى عن نفسه ، ولا أذن في قوله ، ولكن نقول من خلق الله تعالى كما نص على أنه تعالى خالق كل شيء ، ونقول هي كسب لنا كما قال تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [سورة البقرة : ٢٨٦].
ولا نسميه في الشريعة ولا فيما يخبر به عن الله تعالى لأن الله خالق الألسنة الناطقة بالأسماء وخالق الأسماء وخالق المسميات ـ حاشاه ـ تعالى ـ وخالق الهواء ، الذي ينقسم على حروف الهجاء فتتركب منه الأسماء إلا بما سمى به نفسه تعالى فإذا كانت الأسماء مخلوقة له عزوجل ، والمسميات دونه تعالى مخلوقة لله عزوجل والمسمون الناطقون بآلاتهم مخلوقين لله عزوجل فليس لأحد إيقاع اسم على مسمى لم يوقعه الله تعالى عليه في الشريعة أو أباح إيقاعه عليه إباحته الكلام باللغة التي بها نزل القرآن وأمرنا بالتفاهم بها وبأن نتعلم بها دينه ونعلمه بها ، وقد نص عزوجل على هذا القول وقال منكرا على قوم أوقعوا الأسماء على مسميات لم يأذن الله عزوجل على إيقاعها عليها (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) [سورة النجم : ٢٣ ، ٢٤].
فأخبر ـ تعالى ـ أن من أوقع اسما على مسمّى لم يأت نصّ بإباحته أو الإذن فيه بالشريعة أو بجملة اللغة فإنما يتبع الظن ، والظن أكذب الحديث فإنما يتبع هواه ، وقد حرم الله عزوجل اتباع الهوى وأخبر ـ تعالى أن الهدى قد جاء من عنده وقال تعالى (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [سورة القصص : ٦٨].
فليس لأحد أن يتعدى القرآن والسنة اللذين هما هدى الله تعالى وبالله تعالى التوفيق.
فصح بالضرورة أنه ليس لأحد أن يقول : إن أفعالنا خلق لنا ولا أنها كسب لله عزوجل لكن الحق الذي لا يجوز خلافه هو أنها خلق لله ـ تعالى ـ كسب لنا ، كما جاء في هدى الله تعالى الذي هو القرآن ؛ وقد بينا أيضا أن الخلق هو الإبداع والاختراع وليس هذا لنا أصلا فأفعالنا ليست هي خلقنا ، والكسب إنما هو استضافة الشيء إلى حامله بمشيئة الله ـ تعالى ـ وليس يوصف الله ـ تعالى ـ بهذا في أفعالنا فلا يجوز أن يقال هي كسب لله عزوجل وبه نتأيد.
وأيضا فقد وافقونا كلهم على تسمية الباري ـ تعالى ـ خالق الأجسام وكلهم ـ حاشا معمرا وعمرو بن بحر الجاحظ ، موافقون لنا على تسمية الباري تعالى بأنه خالق