أحدهما ليس أجلا للآخر إذا أمكن التقصير عنه أو مجاوزته ولكان الباري ـ تعالى ـ مبطلا إذ سماه أجلا وهذا كفر لا يقوله مسلم ، وأجل الشيء هو ميعاده الذي لا يتعداه أصلا وإلا فليس يسمى أجلا البتة ، ولم يقل الله ـ عزوجل ـ إن الأجل المسمى عنده هو غير الأجل الذي قضى فأجل كل شيء مقتضى أمره بالضرورة نعلم ذلك ، ويبين ذلك قوله تعالى (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [سورة الأعراف : ٣٤].
وقال تعالى (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) [سورة المنافقون : ١١].
قد أخبر تعالى بذلك أيضا فقال : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) [سورة آل عمران : ١٤٥].
فتظاهرت الآيات كلها بالحق الذي هو قولنا وبتكذيب من قال غير ذلك ـ وبالله تعالى التوفيق.
وأما الأرزاق فإن الله تعالى أخبرنا فقال عزوجل : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [سورة الروم : ٤٠].
وقال تعالى (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) [سورة النبأ : ٨].
فكلّ مال حلال فإنا نقول : إن الله تعالى رزقناه وكل امرأة حلال فإنّا نقول : إن الله تعالى زوجنا بها أو ملكنا إياها وأما من أخذ مالا بغير حق أو امرأة بغير حق ، فلا يجوز أن نقول إن الله ـ تعالى ـ رزقنا إياه ولا إن الله ـ تعالى ـ ملكنا إياه ، ولا إن الله تعالى أعطانا إياه ، ولا إن الله تعالى زوجنا إياها ولا إن الله تعالى ملكنا إياها ، ولا أنكحنا إياها لأن الله تعالى لم يطلق لنا أن نقول ذلك. وقد قلنا : إن الله تعالى له التسمية لا لنا ، لكن نقول إن الله ـ تعالى ـ ابتلانا بهذا المال ، وبهذه المرأة ، وامتحننا بهما ، وأضلنا بهما ، وخلق تملكنا إياهما ، ونكاحنا لهما ، واستعمالنا لهما ، ولا نقول : إنه أطعمنا الحرام ولا أباح لنا الحرام ولا أعطانا الحرام ، كما ذكرنا من التسمية وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : وأمّا قولهم أليس إذا كانت أفعالكم لكم ولله تعالى فقد أوجب لكم أنكم شركاؤه فيها؟
فالجواب ـ وبالله تعالى التوفيق ـ أن هذا من أبرد ما موّهوا به وهو عائد عليهم ، لأنهم يقولون إنهم يخترعون أفعالهم ويخلقونها ، وهي بعض الأعراض وأن الله تعالى يفعل سائر الأعراض ويخلقها ويخترعها ، فهذا هو عين الشرك والتشبيه في حقيقة المعنى وهو الاختراع ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وأما نحن فلا يلزمنا إيجاب الشركة لله عزوجل فيما قلنا لأن الاشتراك لا يجب