القرآن ، لأن الله عزوجل قال : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس : ٨٢].
فأخبر تعالى : أنه إذا أراد الشيء كان ، وأجمع المسلمون على تصويب قول من قال : ما شاء الله كان. والمشيئة هي الإرادة ، فصح بما ذكرنا صحة لا شك فيها ، أنّ الواجب أن يقال : أراد الله تعالى كما قال تعالى : (إِذا أَرادَ شَيْئاً).
ونقول : إنه تعالى يريد ما أراد ، ولا يريد ما لم يرد ، كما قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [سورة البقرة : ١٨٥].
وقال تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [سورة المائدة : ٤١].
(وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) [سورة الرعد : ١١].
وقال تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) [سورة الأنعام : ١٢٥].
فنحن نقول كما قال الله تعالى : أراد ، ويريد ، ولم يرد ، ولا يريد. ولا نقول : إن له تعالى إرادة ، ولا أنه مريد ، لأنه لم يأت نصّ من الله تعالى بذلك ، ولا من رسوله صلىاللهعليهوسلم. ولا جاء ذلك قط من أحد من السلف الصالح رضي الله عنهم. وإنما أطلق هذا الإطلاق الفاحش قوم من الخوالف المسمّين بالمتكلمين ، الخوف عليهم أشدّ من رجاء السلامة لهم ، لا قدم صدق لهم في الإسلام ، ولا في الورع ، ولا في الاجتهاد ، في الخير ، ولا في العلم بالقرآن ، ولا بسنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا بما أجمع المسلمون عليه ، ولا بما اختلفوا فيه ، ولا بأقوال الصّحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ، ولا بحدود الكلام ، ولا بحقائق ماهيات المخلوقات ، وكيفيّاتها ، فهم يتبعون ما تراءى لهم ، ويقتحمون المهالك بلا هدى من الله عزوجل. ونعوذ بالله من ذلك ، وقد قال تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [سورة النساء : ٨٣].
فنص تعالى على أن من لم يردّ ما اختلف فيه إلى كتابه ، وإلى كلام رسوله ، صلىاللهعليهوسلم ، وإلى إجماع العلماء من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ، ولا من سلك سبيلهم بعدهم ، فلم يعلم ما استنبطه بظنه ورأيه ، وليس ننكر المحاجة على القصد إلى تبيين الحق وتبينه ، بل هذا هو العلم الفاضل الحسن وإنما ننكر الإقدام في الدّين بغير برهان من قرآن أو سنة ، أو إجماع ، بعد أن أوجبه برهان الحس ، وأوّل بديهة العقل ، والنتائج الثابتة من مقدماته الصحيحة ، من صحة التوحيد ، والنبوة. فإذا ثبت ما