قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل في الملل والأهواء والنّحل [ ج ٢ ]

الفصل في الملل والأهواء والنّحل

الفصل في الملل والأهواء والنّحل [ ج ٢ ]

تحمیل

الفصل في الملل والأهواء والنّحل [ ج ٢ ]

230/400
*

ولا حاكيا ولا مكرها فقد شرح بالكفر صدرا بمعنى أنه شرح صدره لقبول الكفر المحرم على أهل الإسلام وعلى أهل الكفر أن يقولوه وسواء اعتقدوه أو لم يعتقدوه ، لأن هذا العمل من إعلان الكفر على غير الوجوه المباحة في إيراده وهو شرح الصدر به فبطل تمويههم بهذه الآية وبالله تعالى التوفيق.

وبرهان آخر وهو قول الله عزوجل : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [سورة الحجرات : ١٥].

فنصّ الله تعالى على الإيمان أنه شيء قبل نفي الارتياب ، ونفي الارتياب لا يكون ضرورة إلا بالقلب وحده.

فصح أن الإيمان إذ هو قبل نفي الارتياب شيء آخر غير نفي الارتياب ، والذي قبل نفي الارتياب هو القول باللّسان ثم التصديق بالقلب والجهاد مع ذلك بالبدن والنفس والمال فلا يتم الإيمان بنص كلام الله ـ عزوجل ـ إلا بهذه الأقسام كلها.

فبطل بهذا النص قول من زعم أن الإيمان هو التصديق بالقلب وحده أو القول باللّسان وحده ، أو كلاهما فقط دون العمل بالبدن.

وبرهان آخر : وهو أن نقول لهم أخبرونا عن أهل النار المخلدين فيها الذين ماتوا على الكفر.

أهم حين كونهم في النار عارفون بقلوبهم صحة التوحيد والنبوة الذي بجحدهم لكل ذلك أدخلوا النار؟

وهل هم حينئذ مقرّون بذلك بألسنتهم أم لا؟

ولا بدّ من أحدهما! فإن قالوا هم عارفون بكل ذلك مقرّون به بألسنتهم وقلوبهم.

قلنا : إنهم مؤمنون أو غير مؤمنين؟

فإن قالوا : هم غير مؤمنين.

قلنا : قد تركتم قولكم إن الإيمان هو المعرفة بالقلب أو بالإقرار باللسان فقط أو كلاهما فقط.

فإن قالوا : هذا حكم الآخرة.

قلنا لهم : فإذ جوّزتم نقل الأسماء عن موضوعها في اللغة في الآخرة فمن أين منعتم من ذلك في الدنيا ولم تجوزوه لله عزوجل فيها؟

وليس في الحماقة أكثر من هذا.