وإن قالوا : بل هم مؤمنون.
قلنا لهم : فالنار إذن أعدّت للمؤمنين لا للكافرين ، وهي دار المؤمنين ؛ وهذا خلاف القرآن والسنن وإجماع أهل الإسلام المتيقن.
وإن قالوا : بل هم غير عارفين بالتوحيد ولا بصحة النبوة في حال كونهم في النار. أكذبهم نصوص القرآن وكذّبوا ربهم عزوجل في إخباره أنهم عارفون بكل ذلك هاتفون به بألسنتهم راغبون في الرجعة والإقالة ، نادمون على ما سلف منهم ، وكذّبوا نصوص المعقول وجاهروا بالمحال إذ جعلوا من شاهد القيامة والحساب والجزاء غير عارف بصحة ذلك فصحّ بهذا أنه لا إيمان ولا كفر ولا شرك إلا ما سمّاه الله تعالى إيمانا وكفرا وشركا فقط ، ولا مؤمن ولا كافر ولا مشرك إلا من سمّاه الله تعالى بشيء من ذلك إمّا في القرآن وإمّا على لسان النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو محمد : وأما من قال إن الإيمان هو العقد بالقلب والإقرار باللّسان دون العمل بالجوارح فلا نكفر من قال بهذه المقالة وإن كانت خطأ وبدعة.
واحتجوا بأن قالوا : أخبرونا عمن قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله وبرئ من كل دين حاشا الإسلام وصدّق بكل ما جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم واعتقد ذلك بقلبه ومات إثر ذلك أمؤمن هو أم لا؟
فإنّ جوابنا أنه مؤمن بلا شك عند الله عزوجل وعندنا.
قالوا : فأخبرونا أناقص الإيمان هو أم كامل الإيمان ...؟
قالوا : فإن قلتم إنه كامل الإيمان فهذا قولنا.
وإن قلتم : إنه ناقص الإيمان سألناكم ما ذا نقصه من الإيمان؟ وما ذا معه من الإيمان؟
قال أبو محمد : فجوابنا وبالله تعالى التوفيق أنه مؤمن ناقص الإيمان بالإضافة إلى من له إيمان زائد بأعمال لم يعملها هذا وكل واحد فهو ناقص الإيمان بالإضافة إلى من هو أفضل أعمالا منه حتى يبلغ الأمر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي لا أحد أتم إيمانا منه بمعنى أحسن أعمالا منه.
وأما قولهم : ما الذي نقصه من الإيمان؟ فإنه نقصه الأعمال التي عملها غيره ، والتي ربنا عزوجل أعلم بمقاديرها.
قال أبو محمد : ومما يبين أن اسم الإيمان في الشريعة منقول عن موضوعه في