والجحد. قيل لهم : وكذلك أعلمنا الله تعالى وأخبرنا أن إبليس وأهل الكتاب والكفار بالنبوة أنهم يعلنون الكفر ويبطنون التصديق ويؤمنون بأن الله تعالى حق وأن رسوله حق ، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولا فرق ، وكل ما موهتم به من الباطل والكذب في هؤلاء أمكن الكرامية مثل سواء بسواء في المنافقين وقالوا لم يكفروا قط بإبطانهم الكفر لكن مما سماهم الله بأنهم آمنوا ثم كفروا علمنا بأنهم نطقوا بعد ذلك بالكفر ولا بد بشهادة الله تعالى بذلك كما ادعيتم أنتم شهادته تعالى على ما في نفوس الكفار ولا فرق.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وكلتا الشهادتين من هاتين الطائفتين كذب على الله عزوجل ، وما شهد الله عزوجل قط على إبليس وأولي الكتاب بالكفر إلا بما أعلنوه من الاستخفاف بالنبوة ، وبآدم وبالنبي صلىاللهعليهوسلم فقط ، ولا شهد تعالى قط على المنافقين بالكفر إلا بما أبطنوه من الكفر فقط ، وأما هنا فتحريف للكلم عن مواضعه ، وإفك مفترى ونعوذ بالله من الخذلان.
قال أبو محمد رضي الله عنه : ونظروا قولهم : قالوا : مثل هذا أن يقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يدخل هذه الدار اليوم إلا كافر ، أو يقول : كل من دخل هذه الدار اليوم فهو كافر ، قالوا : فدخول تلك الدار دليل على أنه يعتقد الكفر ، لا أن دخول الدار كفر.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وهذا كذب وتمويه ضعيف بأن دخول تلك الدار في ذلك اليوم كفر محض مجرد وقد يمكن أن يكون الداخل فيها مصدقا بالله تعالى وبرسوله صلىاللهعليهوسلم إلا أن تصديقه ذلك قد حبط بدخوله الدار ، برهان ذلك أنه لا يختلف اثنان من أهل الإسلام في أن دخول تلك الدار في ذلك اليوم لا يحل البتة لعائشة ، ولا لأبي بكر ، ولا لعلي ، ولا لأحد من أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ولا لأحد من أصحابه رضي الله عنهم كما أن الله تعالى قد نص على أنه علم ما في قلوبهم ، وأنزل السكينة عليهم ، وإذ ذلك كذلك فقد وجب ضرورة أن هؤلاء رضي الله عنهم لو دخلوا تلك الدار لكانوا كفارا بلا شك بنفس دخولهم فيها ، ولحبط إيمانهم ، فإن قالوا لو دخلها هؤلاء لم يكفروا وكانوا هم قد كفروا لأنهم بهذا القول قاطعون بأن كلامه صلىاللهعليهوسلم كذب في قوله : لا يدخلها إلا كافر ، واحتج بعضهم في هذا المكان بقول الأخطل النصراني لعنه الله إذ يقول :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
قال أبو محمد رضي الله عنه : فجوابنا على هذا الاحتجاج أن نقول : ملعون ملعون قائل هذا البيت ، وملعون ملعون من جعل قول هذا النصراني حجة في دين الله