شرك» (١) و «إنّ كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم» (٢) ومثل هذا كثير.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وما نعلم لمن قال هو منافق حجة أصلا ولا لمن قال : إنه كافر نعمة ، إلا أنهم نزعوا بقول الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) [سورة إبراهيم : ٢٨].
قال أبو محمد رضي الله عنه : وهذا لا حجة لهم فيه ، لأن كفر النعمة عمل يقع من المؤمن والكافر ، وليس هو ملة ولا اسم دين ، فمن ادعى اسم دين وملة غير الإيمان المطلق ، والكفر المطلق ، فقد أتى بما لا دليل عليه.
وأما من قال هو فاسق ، لا مؤمن ولا كافر ، فما لهم حجة أصلا إلا أنهم قالوا : قد صح الإجماع على أنه فاسق ، لأن الخوارج قالوا : هو كافر فاسق ، وقال غيرهم : هو مؤمن فاسق ، فاتفقوا على الفسق فوجب القول بذلك ، ولم يتفقوا على إيمانه ولا على كفره فلم يجز القول بذلك.
قال أبو محمد رضي الله عنه : وهذا خلاف لإجماع من ذكر لأنه ليس منهم أحد جعل الفسق اسم دينه ، وإنما سموا بذلك عمله والإجماع والنصوص قد صح كل ذلك على أنه لا دين إلا الإسلام أو الكفر من خرج من أحدهما دخل في الآخر ولا بد ، إذ ليس بينهما وسيطة ، وكذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم» (٣).
وهذا حديث قد أطبق جميع الفرق المنتمية إلى الإسلام على صحته وعلى القول به ، فلم يجعل عليهالسلام دينا غير الكفر والإسلام ، ولم يجعل هاهنا دينا ثالثا أصلا.
__________________
٦ ، ١٤. ومسلم في الإيمان حديث ١٠٠ و ١٠٤. والترمذي في الإيمان باب ١١. والنسائي في الأشربة باب ٤٢. وابن ماجة في الفتن باب ٣. والدارمي في الأشربة باب ١١. وأحمد في المسند (٢ / ١٣٩).
(١) رواه عبد الرزاق في مصنفه (حديث ٥٠٠٩).
(٢) رواه بلفظ : «كفر بالله انتفاء من نسب وإن دق» الدارمي في سننه (٢ / ٣٤٤) والمروزي في مسند أبي بكر (١١٥٩). وبلفظ : «كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دقّ» المتقي الهندي في كنز العمال (١٥٣٠٢) والخطيب في تاريخ بغداد (٣ / ١٤٤) وابن حجر في فتح الباري (١٢ / ٤٢).
(٣) رواه البخاري في الحج باب ٤٤ ، والمغازي باب ٤٨ ، والفرائض باب ٢٦. ومسلم في الفرائض (حديث ١) وأبو داود في الفرائض باب ١٠. والترمذي في الفرائض باب ١٥. وابن ماجة في الفرائض باب ٦. والدارمي في الفرائض باب ٢٩.