كلها باطن صاحبها خلاف ما يظهر فهو منافق هذا النوع من النفاق وليس هو النفاق الذي يبطن صاحبه الكفر بالله ، برهان ذلك ما ذكرناه آنفا من إجماع الأمة على أخذ زكاة مال كل من وصفه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالنفاق وعلى إنكاحه ونكاحها إن كانت امرأة وموارثته وأكل ذبيحته وتركه يصلي مع المسلمين وعلى تحريم دمه وماله ولو تيقنا أنه مبطن للكفر لوجب قتله وحرم إنكاحه ونكاحها وموارثته وأكل ذبيحته ولم نتركه يصلي مع المسلمين ولكن تسمية النبي صلىاللهعليهوسلم من ذكرنا منافقا كتسمية الله عزوجل الزارع كفارا إذ يقول تعالى : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) [سورة الحديد آية رقم ٢٠]. لأن أصل الكفر في اللغة التغطية فمن ستر شيئا فهو كافر له وأصل النفاق في اللغة ستر شيء وإظهار خلافه فمن ستر شيئا وأظهر خلافه فهو منافق فيه وليس هذان من الكفر الدياني ولا من النفاق الشريعي في شيء وبهذا تتآلف الآيات والأحاديث كلها وبالله تعالى التوفيق.
ثم نقول لمن قال بهذا القول : هل أتيت بكبيرة قط ..؟ فإن قال لا قيل له هذا القول كبيرة لأنه تزكية وقد نهى الله عزوجل عن ذلك فقال : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) [سورة النجم آية رقم ٣٢].
وقد علمنا أنه لا يعرى أحد من ذنب إلّا الملائكة والنبيين صلى الله عليهم وسلم وأما من دونهم فغير معصوم ، بل قد اختلف الناس في عصمة الملائكة والنبيين عليهم الصلاة والسلام وإن كنا قاطعين على خطأ من جوّز على أحد من الملائكة ذنبا صغيرا أو كبيرا بعمد أو خطأ وعلى خطأ من جوّز على أحد من النبيين ذنبا بعمد صغيرا أو كبيرا ، لكنا أعلمنا أنه لم يتفق على ذلك فقط. وإن قال بلى قد كانت لي كبيرة قيل له هل كنت في حال موافقتك الكبيرة شاكا في الله عزوجل أو في رسوله صلىاللهعليهوسلم أو كافرا بهما أم كنت موقنا بالله تعالى وبالرسول صلىاللهعليهوسلم وبما أتى به موقنا بأنك مسيء مخطئ في ذنبك؟ فإن قال : كنت كافرا أو شاكا فهو أعلم بنفسه ويلزمه أن يفارق امرأته وأمته المسلمتين ولا يرث من مات له من المسلمين ثم بعد ذلك فلا يجوز له أن يقطع على غيره من المذنبين بمثل اعتقاده في الجحد ونحن نعلم بالضرورة كذب دعواه وندري أننا في حيز ما كان منا من ذنب مؤمنون بالله تعالى وبرسوله صلىاللهعليهوسلم. وإن قال بل كنت مؤمنا بالله تعالى وبرسوله صلىاللهعليهوسلم في حال ذنبي قيل له هذا إبطال منك للقول بالنفاق والقطع به على المذنبين.
قال أبو محمد : ففي إجماع الأمة كلها دون مختلف من أحد منهم على أن