«ولو لبثت في السّجن ما لبث يوسف عليهالسلام ثمّ دعيت لأجبت الدّاعي». (١)
أو كلاما هذا معناه.
وأما قول الله عزوجل : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [سورة الأنفال آية رقم ٦٨].
فقد بينا أن ذنوب الأنبياء عليهمالسلام ليست إلّا ما وقع بنسيان ، أو بقصد إلى ما يظنونه خيرا مما لا يوافقون مراد الله تعالى منهم ، فهذان الوجهان هما اللذان غفر الله عزوجل له.
وأما قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [سورة الأنفال آية رقم ٦٨].
فإنما الخطاب في ذلك للمسلمين ، لا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. وإنما كان ذلك إذ تنازعوا في غنائم بدر فكانوا هم المذنبين المنشقين عليه.
يبين ذلك قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) [سورة الأنفال آية رقم ١].
وقوله تعالى في هذه السورة نفسها النازلة في هذا المعنى (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) [سورة الأنفال آية رقم ٦].
وقوله تعالى قبل ذكره الوعيد الذي احتج به من خالفنا : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [سورة الأنفال : ٦٧].
فهذا نص القرآن. وقد رد الله عزوجل الأمر في الأنفال المأخوذة يومئذ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وأما الخبر المذكور الذي فيه «لقد عرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة» و «لو نزل عذاب ما نجا منه إلا عمر».
فهذا خبر لا يصح ، لأن المنفرد بروايته عكرمة بن عمار اليمامي (٢) وهو ممن
__________________
(١) راجع تخريجه في الحاشية (٣) من الصفحة السابقة.
(٢) هو أبو عمار عكرمة بن عمار العجلي اليمامي البصري اليماني السحيمي المتوفى سنة ١٥٩ أو ١٦٠ ه. أخرج له البخاري تعليقا ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. قال ابن حجر في التقريب : صدوق يغلط ، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطرب ، ولم يكن له