قال أبو محمد : ولم ألق إسماعيل الرعيني قط على أني قد أدركته وكان ساكنا معي في مدينة من مدائن الأندلس تسمى بجاية مدة ولكنه كان مختفيا وكان له اجتهاد عظيم ونسك وعبادة وصلاة وصيام والله أعلم.
وحكم بن المنذر ثقة في قوله بعيد نقله عن الكذب وتبرأ منه حكم بن المنذر وكانا قبل ذلك يجمعهما مذهب ابن مسرة في القدر وتبرأ منه أيضا إبراهيم بن سهل الأريواني ، وكان من رءوس المرية وتبرأ منه أيضا صهره أحمد الطبيب ، وجماعة من المرية ؛ وتولته جماعة منهم وبلغني عنه أنه كان يحتج لقوله هذا بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ وقف على ميت فقال : «أما هذا فقد قامت قيامته».
وبأنه عليهالسلام كانت الأعراب تسأله عن الساعة فينظر إلى أصغرهم فيخبرهم أنه إن استوفى عمره لم يمت حتى تقوم قيامتهم أو ساعتهم.
قال أبو محمد : وإنما عنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهذا قيام الموت فقط بعد ذلك إلى يوم البعث كما قال عزوجل : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) [سورة المؤمنون آية رقم ١٦ ، ١٧].
فنص تعالى على أن البعث يوم القيامة بعد الموت بلفظة ثم التي هي للمهلة ، وهكذا أخبر عزوجل عن قولهم يوم القيامة :
(يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا) [سورة يس آية رقم ٥٢].
وأنه يوم مقداره خمسون ألف سنة ، وأنه يحيي العظام ويبعث من في القبور في مواضع كثيرة من القرآن ، وبرهان ضروري وهو أن الجنة والنار موضعان ومكانان وكل موضع فذو مساحة متناهية محدودة بالبرهان الذي قدمنا على وجوب تناهي الأجسام ، وتناهي كل من له عدد ، وبقول الله تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [سورة آل عمران آية رقم ١٣٣].
فلو لم يكن لتولد الخلق نهاية لكانوا أبدا يحدثون بلا آخر ، وقد علمنا أن مصيرهم إلى الجنة والنار ، ومحال ممتنع غير ممكن أن يسع ما لا نهاية له فيما له نهاية من الأماكن فوجب ضرورة أن للخلق نهاية ، فإذ ذلك واجب فقد وجب تناهي عالم الذر والتناسل ضرورة ، وإنما كلامنا هذا مع من يؤمن بالقرآن ، وبنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وادعى الإسلام ، وأما من أنكر الإسلام فكلامنا معه على ما رتّبناه في ديواننا هذا من النقض على أهل الإلحاد حتى تثبت نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم وصحّة ما جاء به فنرجع إليه عند التنازع وبالله تعالى التوفيق.