وقال معمّر : معنى قوله تعالى (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) [الملك : ٢] إنما معناه خلق الإماتة والإحياء.
قال أبو محمد : فما زاد على أنه أبدى تمام جهله بوجهين.
أحدهما : إحالته النص من كلام ربه عزوجل بلا دليل.
والثاني : أنه لم يزل عمّا لزمه ، لأن الموت والحياة هما الإحياء والإماتة بلا شك ، لأن الإحياء والحياة هو جمع النفس مع الجسد المركب الأرضي ، والموت والإماتة شيء واحد وهو التفريق بين الجسد والنفس المذكورة فقط.
وإذا كان جمع الجسد والنفس وتفريقهما مخلوقين لله عزوجل فقد صح أن الموت والحياة مخلوقان له عزوجل يقينا ، وبطل تمويه هذا المجنون.
قال أبو محمد : ومن النصوص القاطعة في هذا المعنى قول الله عزوجل : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [سورة القمر : ٤٩]. فلجأ بعضهم إلى عدوى الخصوص وذكروا قول الله تعالى : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) [سورة الأحقاف : ٢٥].
وقال تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [سورة النمل : ٢٣].
وقوله : (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا) [سورة الأنعام : ٤٤].
قال أبو محمد : وهذا كله لا حجة لهم فيه لأن قوله تعالى : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) بيان جلي على أنّها إنما دمرت كل شيء أمرها الله عزوجل بتدميره ، لا ما لم يأمرها ، فهو عموم لكل شيء أمرها به الله عزوجل.
وقوله تعالى : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ).
فمن للتبعيض : فمن آتاه الله تعالى شيئا من الأشياء فقد آتاه من كل شيء ، لأنه قد آتاه بعض الأشياء ، وأما قوله تعالى : (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) فحق ونحن وهم سواء في أنا لا ندري كيفية ذلك الفتح إلا أننا ندري أن الله تعالى صدق فيما قال ، وأنه تعالى إنما آتاهم بعض الأشياء التي فتح عليهم أبوابها ، ثم لو صح برهان في بعض هذا العموم أنه ليس على ظاهره وأنه أريد به الخصوص لما وجب من ذلك أن يحمل كل عموم على خلاف ظاهره ، بل كل عموم على ظاهره حتى يقوم برهان بأنه مخصوص أو أنه منسوخ فيوقف عنده ولا يتعدى بالتخصيص أو بالنسخ إلى ما لم يقم