وإن قالوا : بل خصوصا. قيل لهم : ففي العالم إذن ما ليس الله تعالى إلها له ، وما لا رب له ، فإن كان هذا فمن قال إن الله تعالى رب العالمين كاذب ، ومن قال : ليس الله تعالى إلها للعالمين ولا ربا للعالمين صادق.
وهذا خروج عن الإسلام وتكذيب لله تعالى في قوله : إنه رب العالمين وخالق كل شيء. وقد وافقونا على أن الله تعالى خالق حركات المختارين ، من سائر الحيوان غير الملائكة والإنس والجن ، وبالضرورة ندري أن الحركات الاختيارية كلها نوع واحد ، فمن المحال الباطل أن يكون بعض النوع مخلوقا ، وبعضه غير مخلوق.
قال أبو محمد : واحتجوا بأشياء من القرآن وهي أنهم قالوا : قال الله عزوجل : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) [سورة البقرة : ٧٩].
وقال تعالى : (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [سورة آل عمران : ٧٨]. وقوله تعالى : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [سورة المؤمنون : ١٤].
وقوله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) [سورة العنكبوت : ١٧].
وقوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) [سورة النمل : ٨٨].
وقوله تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [سورة السجدة : ٧].
وقوله تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [سورة الملك : ٣].
واعترضوا بأشياء من طريق النظر وهي أن قالوا : إن كان الله عزوجل خلق أفعال العباد فهو إذن يغضب مما خلق ، ويكره ما فعل ويسخط فعله ، ولا يرضى ما فعل ولا ما دبّر.
وقالوا أيضا : كل من فعل شيئا فهو مسمّى به ومنسوب إليه لا يعقل غير ذلك ، فلو خلق الله تعالى الخطأ والكذب والكفر والظلم لنسب كل ذلك إليه ، تعالى الله عن ذلك.
وقالوا أيضا : لا يعقل فعل واحد من فاعلين ، هذا فعله كله ، وهذا فعله كله.
وقالوا أيضا : أنتم تقولون : إن الله عزوجل خلق الفعل ، وأن العبد اكتسبه. فأخبرونا هل هذا الاكتساب الذي انفرد به العبد ، أهو خلق الله تعالى أم هو غيره ..؟ فإن قلتم : إنه خلق الله تعالى لزمكم أنكم خالقون له ، وأنه تعالى اكتسبه إذ الخلق هو