فان وجوب الحج بعد ما كان أمره بيد الشارع فله أن يجعله مطلقا وغير منوط بالاستطاعة وله أن يجعله منوطا فاذا جعله منوطا بها يقول ان استطعت يجب عليك الحج فقد جعل الوجوب منوطا بالاستطاعة بهذا الخطاب الواحد وبهذا الجعل جعل الاناطة أيضا تبعا في عرض جعل الوجوب لا مقدما عليه ولا مؤخرا عنه.
فالاناطة المجعولة تبعا عبارة أخرى عن الشرطية بل عينها فليست الشرطية التي هي شرط للتكليف من الامور الانتزاعية المحضة غير المجعولة ولا من الامور المجعولة الابتدائية الاستقلالية بل من الامور المجعولة التبعية في عرض جعل الوجوب لأن جعل الوجوب المنوط ليس إلا جعل الوجوب والاناطة غاية الأمر جعل الاناطة تبعيا لا استقلاليا بل ربما يقال بامكان الجعل الاستقلالي بتقريب ان السببية لما لم تكن بنحو السببية الحقيقية لعدم معقوليتها حيث ان الجعل مما كان فعلا
__________________
من المجعولات لا امضاء ولا تسبيبا كبعض المناصب العرفية التي منع عنها الشارع ودعوى انكار الجعل ابتداء واستقلالا في الامور المذكورة وانما هي منتزعات من التكاليف ممنوعة اذا ربما يتحقق الجعل مع عدم وجود تكليف كجعل الحجية والطريقية على أنه من الممكن الجعل لابتدائي الاستقلالي مع عدم الحاجة إلى مثل هذه التكلفات خصوصا بعد أن اعتبرها العرف أولا ويرتبون عليها الآثار والظاهر ان الطهارة بقسميها الحدثية والخبثية والنجاسة من الاعتبارات الشرعية المجعولة ابتداء واستقلالا وليسا من الامور الواقعية التي كشف الشارع عنها للزوم أن يكون بدن الكافر مثلا عند اسلامه يتبدل العرض الخارجي الذي هو النجاسة بعرض خارجي آخر الذي هو الطهارة وغير ذلك من اللوازم التي يبعد التزامها نعم يمكن تصحيح هذه الدعوى بأن تكون لها دخل في الملاك بناء على ما هو الحق من تبعية الاحكام الملاكات والمصالح كما لا يخفى.