والحلية الثابتتين قبل الغليان فان التعليقي يقتضي حرمة الزبيب ونجاسته بعد الغليان والاستصحاب التنجيزي يقتضى حليته وطهارته بعد الغليان وبما أن أحد الاستصحابين ليس مسببا عن الآخر حتى يحكم باستصحاب الشيء السببي فيقع التعارض بينهما فيتساقطان فيرجع فيه إلى قاعدة الحلية والطهارة إلا أن بعض الأعاظم (قده) ادعى السببية والمسببية بين الأصلين بتقريب أن الشك في الطهارة والحلية الفعلية في الزبيب المغلي مسبب عن الشك في كون المجعول الشرعي هو نجاسة العنب المغلي وحرمته مطلقا حتى في كونه زبيبا أو أن المجعول الشرعي هو نجاسة العنب المغلي وحرمته ولا يعمم الزبيب المغلي فمع حكم الشارع بالنجاسة والحرمة المعلقة بمقتضى الاستصحاب التعليقي يرتفع الشك في حلية الزبيب المغلي.
ولكن لا يخفى أن بين الاستصحابين لا سببية بينهما لكونهما في مرتبة واحدة لا تقدم لأحدهما في الوجود على الآخر ومعه لا تتحقق السببية إذ المستفاد من دليل الغليان مجرد سببيته للحرمة والنجاسة المشروطة بلا غائيته للطهارة والحلية الثابتين للعنب قبل الغليان بحيث يكون ارتفاع الحلية والطهارة الثابتة قبل الغليان عند فعلية الحرمة أو النجاسة المشروطة بالغليان بمناط المضادة.
فعليه لا تتصور حكومة أحدهما على الآخر وإنما يقع بينهما التعارض لأجل لحاظ كون الغليان شرطا للحرمة والنجاسة المجعولتين كذلك فلا يكون غاية شرعية للحلية والطهارة لعدم استفادة ذلك من الدليل وإنما هو غاية للحلية والطهارة في حكم العقل محصنا بلحاظ مضادة الحكمين وامتناع تحقق أحدهما في ظرف تحقق الآخر وقد عرفت أن التحقيق هو الأول فلذا لا معنى لحكومة الاستصحاب التعليقي على استصحاب