أحدهما سابقا فعلى الأول فاما أن نقول كون العلم الاجمالي مقتضيا لوجوب الموافقة القطعية ولا يكون علة تامة لها بنحو يصح معه الترخيص المخالفة الاحتمالية إلّا أن جريان الأصلين غير ممكن للزوم المخالفة القطعية المفروض حرمتها تنجيزيا لكون العلم الاجمالي علة تامة بحرمة المخالفة القطعية.
وأما جريان أحد الأصلين دون الآخر فهو مما لا محذور فيه لا بنحو التخصيص لكي يقال بتخصيصه من غير مخصص بل بنحو يكون بنتيجة التقيد بأن يقيد اطلاق دليلي الأصلين بالآخر بيان ذلك أن اطلاق
__________________
هذا كله إذا التعارض لأجل العلم الاجمالي.
وأما إذا كان سبب التعارض التزاحم بأن كان التنافي راجعا إلى مقام الفعلية والامتثال دون مقام الجعل والانشاء كما في استصحابي الوقت وبقاء النجاسة فى المسجد فان التنافي بين الاستصحابين إنما هو في مقام الفعلية فان المكلف من جهة ضيق الوقت لا يقدر إلا على امتثال أحد التكليفين لا فى مقام الجعل إذ طلب كل من الازالة والصلاة أمر ممكن في نفسه بنحو لو فرض محالا قدرة المكلف عليهما لصار وجوب كل منهما فعليا ففي هذا الفرض لا بد من الرجوع إلى قواعد باب التزاحم من تقديم الأهم منهما بحسب الملاك والمحبوبية إن كان أحدهما ألهم من الآخر ومع عدم أهمية أحدهما يؤخذ بالتخير والابصار الى سقوط الاستصحابين اذ المانع من فعلية التعبد هو حكم العقل بقبح التكلف بغير المقدور ومن المعلوم أن حكم العقل بالقبح برفع فعلية التعبد بأحدها ولا يوجب السقوط في الآخر.
هذا آخر ما أردنا من التعليق على الجزء الخامس لبحث الاستصحاب من كتابنا منهاج الأصول والحمد لله رب العالمين.