فظهر مما ذكرنا ان هذا التعريف لا يكون جامعا لجميع المسالك اللهم إلّا أن يقال ان الأدلة المتكفلة للتنزيلات الشرعية وان كان المقصود الاصلي منها النظر الى مقام العمل والجري العملي إلّا ان دليل التنزيل تارة يكون خطابه موجها الى المكلف ، بأن ينزل شيئا بمقام آخر بأن يكون نفس ذلك التنزيل بلحاظ العمل على عهدة المكلف كما هو مفاد أدلة حجية خبر العادل ، بناء على ان مفادها تنزيل خبر العادل منزلة العلم بالواقع ، وكما هو مفاد لا تنقض اليقين بالشك ، بناء على أن المكلف ينزل غير اليقين بمنزلة اليقين ، واخرى يكون مفاده الانتساب الى الشارع بأن ينزل شيئا بمنزلة شيء ، كما في قوله : «الطواف في البيت صلاة» وحيث أن مفاد أخبار الاستصحاب من قبيل الأول فيصير مفادها هو الأمر باليقين بالبقاء تعبدا ، بمعنى البناء على اليقين بالبقاء
__________________
كونه من الصفات النفسانية ، فانه من الواضح ان اليقين انتقض بعروض الشك وجدانا ، وعليه : لا مانع من دعوى جامعية هذا التعريف للاستصحاب على اختلاف الانظار في وجه حجيته ، بتقريب : انه بناء على اخذه من بناء العقلاء يكون بمعنى الحكم بالبقاء حيث ان التزامهم في الجري العملي على بقاء ما كان بملاحظة وجوده سابقا ما لم يظهر الخلاف كما انه بناء على اخذه من حكم العقل يكون معناه : ادراكه عقلا وتصديقه ضمنا ببقاء ما كان بملاحظة غالبية وجوده لا حقا بعد ثبوته سابقا ، واما بناء على أخذه من باب التعبد وحرمة نقض اليقين بالشك فيكون معناه الحكم الانشائي من الشارع في مرحلة الظاهر بمعنى التعبد ببقاء ما علم حدوثه سابقا وشك في بقائه في الزمان اللاحق.
وبعبارة أخرى ان الابقاء الذي هو مدلول الهيئة عبارة عن