اتباع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهذا معذور ومأجور أجرا واحدا ، ما لم تقم عليه الحجة فيعاندها ، وهذا نص قوله عليهالسلام في الحاكم المجتهد والمخطئ (١).
والطريقة الثانية من اتبع غير الذي أمره الله باتباعه ، فهذا سواء استدل أو لم يستدل هو مخطئ ظالم عاص لله تعالى أو كافر على حسب ما جاءت به الديانة في أمره. ثم ينقسم هؤلاء قسمين أحدهما أصاب ما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو غير قاصد إلى اتباعه عليهالسلام فيه والآخر لم يصبه ، وكلاهما لا خير فيه وكلاهما آثم غير مأجور ، وكلاهما عاص الله عزوجل أو كافر على حسب ما جاءت به الديانة في أموره ، لأنهما جميعا تعديا حدود الله عزوجل فيما أمرهم به من اتّباع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال تعالى : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [سورة الطلاق : ١]. ولا ينتفع بإصابته الحق إذ لم يصبه من الطريق التي لم يجعل الله تعالى له طلب الحق وأخذه إلا من قبلها. وقد علمنا أن اليهود والنصارى يوافقون الحق في كثير كإقرارهم بنبوة موسى عليهالسلام ، وكتوحيد بعضهم لله تعالى ، فما انتفعوا بذلك إذ لم يعتقدوه اتباعا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. وكذلك من قلد فقيها فاضلا دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان عقده أنه لا يتبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا أن وافق قوله قول ذلك الفقيه فهذا فاسق بلا شك ، وإن فعله غير معتقد له ، وهو كافر بلا شك إن اعتقده بقلبه أو نطق به بلسانه لمخالفته قول الله تبارك وتعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [سورة النساء : ٦٥].
فنفى الله عزوجل عن أهل هذه الصفة الإيمان وأقسم على ذلك ، ونحن ننفي ما نفى الله عزوجل عمن نفاه عنه ، ونقسم على ذلك ونوقن أننا على الحق في ذلك. وأما من قلد فقيها فاضلا وقال إنما أتبعه لأنه اتّبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهذا مخطئ للطريق ، لأنه فعل من ذلك ما لم يأمره الله تعالى به ، ولا يكفر لأنه قاصد إلى اتباع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مخطئ للطريق في ذلك ، ولعله مأجور بنيته أجرا واحدا ما لم تقم الحجة عليه بخطإ فعله.
فإن ذكروا قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حديث فتنة القبر ... «وأما المنافق أو
__________________
(١) حديث : «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ... الخ» رواه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة باب ٢٠ و ٢١. ومسلم في الأقضية حديث ١٥. وأبو داود في الأقضية باب ٢. والنسائي في آداب القضاة باب ٣. وابن ماجة في الأحكام باب ٣. وأحمد في المسند (٤ / ١٩٨ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥).